ولا عبرة به ، إذ في الارتماسي لا يتصوّر الأثناء قطعا ، إذ تحقّق الأثناء فرع أن يكون الشيء بعد الشيء ، والارتماسي ليس كذلك ، بل هو بدفعة واحدة ، وأنّه لا يتحقّق بعد النيّة قبل الخوض في الماء ، إذ بعدها وقبل الخوض لا يتحقّق الشروع ، بل يتحقّق الشروع بالخوض ، فكيف يتحقّق الأثناء؟ إذ هو لا يكون إلّا بعد الشروع في الفعل ، إذ النيّة شرط لصحّة الفعل على ما هو المحقّق عند المحقّقين ، حتّى عند صاحب «المدارك» (١) ، لا أنّها شطر.
ومع ذلك هي ليست إلّا الداعية على الفعل لا خصوص المخطر ، والداعية لا تنفكّ أبدا ، فلا يتصوّر وقوع الحدث بينها وبين الفعل بالبديهة.
فظهر الجواب عمّا ذكره في «المدارك» حيث قال : ويتصوّر ذلك في غسل الارتماس بوقوع الحدث بعد النيّة وقبل إتمام الغسل (٢) ، مضافا إلى أنّه بعيد غاية البعد.
وفي «الذخيرة» نقل عن «الذكرى» : أنّ الارتماسي لا يتحقّق الحدث في أثنائه ، لأنّه إن وقع بعد شمول الماء لجميع البدن أوجب الوضوء لا غير ، وإلّا فليس له أثر (٣).
وذلك لأنّ الحدث وقع قبل الغسل ، فالغسل يجزي عن الوضوء إذا كان غسل الجنابة ، ويرفع الأصغر أيضا إجماعا. وأمّا إذا وقع بعد الشمول ، فقد وقع بعد تماميّة الغسل ، فلا يوجب سوى الوضوء إجماعا.
وبالجملة ، قبل شمول الماء للجميع لم يتحقّق شيء من أجزاء الغسل أصلا ، إذ ليس فيه تقديم ولا تأخير أصلا بالنسبة إلى الأجزاء ، بل الغسل بالنسبة إلى كلّ
__________________
(١) مدارك الأحكام : ١ / ١٨٤ و ١٨٥.
(٢) مدارك الأحكام : ١ / ٣٠٩.
(٣) ذخيرة المعاد : ٦١ ، لاحظ! ذكرى الشيعة : ٢ / ٢٤٩.