ليس إلّا تحقّق الطهارة بالعضو المغسول قبل تخلل الحدث وقبل بقاء اللمعة ، وغير ذلك.
فإذا حصل الطهارة للعضو الداخل أوّلا قبل تحقّق الشمول المذكور ، لزم كونه ترتيبيا ، بل ترتيبيّا بترتيبات لا تحصى ، لما ذكرنا سابقا.
فإطلاق لفظ الجزء عليه وعلى أمثاله لا وجه له ولا ثمرة فيه ، سوى ما يتخيّل من كون مقارنة النيّة للجزء الأوّل أنسب من مقارنتها للمقدّمة.
لكن عرفت مفاسد الجزئيّة ، وإن كان الاصطلاح ممّا لا مشاحة فيه ، فلا مضايقة في تسميته جزءا.
ثمّ اعلم! أنّ أوّل العضو هو الرجل والقدم عادة ، أو أحد الأطراف مقدما على الرأس ، لما كان خارجا عن الماء يرتمس فيه.
وأمّا من كان داخلا فيه ويرتمس ، فأوّل عضو خارج يدخل فيه ، وباقي الأعضاء تتبعه.
الثالث : قد عرفت في مبحث الوضوء أنّ ابن الجنيد قال بعدم اشتراط النيّة في الطهارات ، وأنّه جعلها من قبيل المعاملات ، من قبيل غسل النجاسة وأمثاله (١).
فعلى هذا لو دخل الجنب ومثله تحت الماء بغير قصد الغسل يحصل له الطهارة ورفع الحدث الأكبر وإن لم ينو أنّه غسل لرفع ذلك الحدث ، أو للاستباحة ، وغير ذلك. فإذا بال بعد ذلك ، أو وقع منه حدث أصغر آخر انتقض غسله ، ويجب عليه الوضوء لمثل الصلاة.
والبناء على المشهور أنّه إن كان ألف مرّة يدخل تحت الماء من غير نيّة الغسل لا يكون هذا غسلا ، ولا يرتفع حدثه أصلا. فإن بال ووقع منه أحداث صغار بعد
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٣٦٨ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.