ولو صرّحوا بنفي الثانية ـ مع كونه أيضا مخالفا لما ذهب إليه معظمهم فلا يخلوا عن الضرر فيه ـ لكان مخالفا للواقع أيضا ، لفهم كون ماهيّة التيمّم كذلك ، فسكتوا كما سكتوا عن ذكر تقديم اليمنى وغيره من الواجبات المسلّمة ، وفي المقام لم يقتض التقيّة أزيد ممّا ذكر ، ولو اقتضى أزيد لذكروا ما يقتضيه ، ولذا في مقام التعرّض الثانية تعرّضوا لها مطلقا بعنوان الدخول في كيفيّة مطلق التيمّم.
ومع ذلك إمّا صرّحوا عليهمالسلام بكون المسح على الوجه والذراعين ـ كما في صحيحة ابن مسلم (١) وقويّة ليث (٢) ـ أو ذكروا الوجه واليدين من دون إشارة إلى حدّ فيهما ، ومن دون تعرّض لكون الوجه بعضه واليدين إلى أيّ حدّ ، كما في صحيحة ابن مسلم (٣) وصحيحة زرارة (٤).
ومعلوم أنّ ابن مسلم هذا هو الذي روى المسح من المرفق إلى أطراف الأصابع ، رواه في مقام بيان كيفيّة التيمّم. ورواية الثانية أيضا في مقام بيان كيفيّته ، فالمظنون أنّ الثانية نقلها بعنوان الإجمال في اليد ، والأولى بالتفصيل فيهما.
وأمّا زرارة فهو الذي روى عن الباقر عليهالسلام ـ في كيفيّة تيمّم عمّار الذي كان للغسل ـ أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وضع يديه على الصعيد ، ومسح جبينيه بأصابعه وكفّيه إحداهما على الاخرى ثمّ لم يعد ذلك (٥).
مع أنّه روى أيضا عن الباقر عليهالسلام أنّه سأله عن التيمّم ، فضرب بيديه الأرض ثمّ رفعهما ونفضهما ، ثمّ مسح بهما جبهته وكفّيه مرّة واحدة (٦).
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٢ الحديث ٣٨٧٤.
(٢) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦١ الحديث ٣٨٧١.
(٣) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦١ الحديث ٣٨٧٠.
(٤) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦١ الحديث ٣٨٧٣.
(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٥٧ الحديث ٢١٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٣٦٠ الحديث ٣٨٦٨.
(٦) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٠٧ الحديث ٦٠١ ، الاستبصار : ١ / ١٧٠ الحديث ٥٩٠ ، وسائل الشيعة :