وجوب الوضوء والغسل للصلاة وغيرها أو مطلقا وعلموا الكيفيّة فيهما ، ثمّ سمعوا أو علموا وجوب التيمّم بالتراب عند فقد الماء ، تبادر إلى أذهانهم كون التيمّم بالكيفيّة التي عرفوها في الوضوء في التيمّم عن الوضوء ، والغسل في التيمّم عن الغسل ، إلّا أن تثبت المخالفة في الخارج ، ألا ترى أنّهم إذا سمعوا : إذا فقد الماء فالجمد والثلج ، وإذا فقدا فالتراب. وإذا فقد فالغبار ، وإذا فقد فالطين ـ على حسب ما ورد في الأخبار (١) وكلام الأخيار (٢) ـ تبادر إلى أذهانهم أنّ الكلّ بكيفيّة واحدة.
وكذا إذا علموا أنّ الثلج والجمد المذابين مثل الماء وبمنزلته والتراب كذلك مثله وبمنزلته بعد فقده ، والغبار مثل التراب بعد فقده ، والطين مثل الغبار بعد فقده ، أو علموا أنّ كلّ واحد ممّا ذكر بدل الآخر إن لم يوجد الآخر ـ وأمثال هذه العبارات ـ يتبادر اتّحاد الكيفيّة بالنحو الذي ذكر ، إلى أن يثبت من الخارج أنّ الجمد والثلج المذابين مثل الماء بكيفيّة الوضوء والغسل وكذا غير المذابين إذا حصل بدلكهما أقلّ جريان ، وإلّا فليس واحد منهما بكيفيّة الوضوء والغسل ، بل بكيفيّة التيمّم على حسب ما عرفوا كيفيّة من الخارج.
وإذا علموا من الخارج أنّ التراب ليس بكيفيّة الماء مطلقا ، فلا بدّ أن يظهر عليهم حينئذ كيفيّته ، وإن لم يعلموا من الخارج المخالفة في الكيفيّة ، يتبادر الموافقة (٣) بلا شبهة ، كما هو الحال في الجمد والثلج ، وفي الغبار والطين ، ولذا صدر من عمّار في مقام إطاعة الله تعالى ما صدر ، مع أنّه كان من أهل الفهم واللسان جزما ، ولم يشنّع عليه أنّ هذا الخيال العجيب الغريب من أيّ جهة تخيّل بخاطرك؟ وإذا علم أنّ التراب خالف كيفيّته وعلم الكيفيّة ، يتبادر إلى أذهانهم أنّ الغبار بعد فقده بتلك
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٣٥٤ الحديث ٣٨٤٩ ، ٣٥٦ الباب ١٠ من أبواب التيمّم.
(٢) النهاية للشيخ الطوسي : ٤٨ و ٤٩ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٢٠٦ و ٢٠٧ ، الحدائق الناضرة : ٤ / ٣٠٢ ـ ٣٠٥.
(٣) في (د ٢) و (ك) : المخالفة.