وحجّة الثاني : قوله تعالى (إِذا قُمْتُمْ) (١) الآية ، إذ مقتضاها صحّة التيمّم عن إرادة القيام أوّل الوقت مع عدم وجدان الماء.
وفيه ، أنّ تقدير الإرادة لا حاجة إليه ، إذ القيام إلى الشيء غير القيام في الشيء ، والأوّل معناه معروف. ولا يقام إلى شيء إلّا بعد أن يعرف صحّته ، ومن الضروريات أنّ الفريضة ليست ممّا يصحّ أن يقام إليه مطلقا.
ولذا لا يقام قبل الوقت جزما ، وصحّته في أوّل الوقت في المقام أوّل الكلام ومحلّ النزاع ، مع أنّك عرفت الكلام في صدق عدم الوجدان أوّل الوقت ، فلاحظ.
واستدلّ له أيضا بالعمومات الدالّة على توسعة وقت الفريضة (٢) ، مثل (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ) (٣) وغيرها ممّا دلّ على جواز الفريضة في سعة الوقت (٤).
وفيه ، أنّها لو تمّت اقتضت استحباب التقديم لا التأخير ، كما لا يخفى ، وإن كان موضع لم يدلّ عليه ، فلا شكّ في دلالته على الجواز المساوي طرف فعله على الترك ، لأنّه الظاهر ، فكما يضرّ الخصم يضرّ القول باستحباب التأخير أيضا ، فما هو جوابكم فهو جوابه.
هذا على القول باستحباب التأخير (٥) ، كما قال به المتأخّرون المشاركون للقائلين بجواز التقديم مطلقا.
وعلى القول بعدم استحباب التأخير أصلا ، يضرّه ما دلّ على الضيق ممّا أشرنا إليه وغيره ، وهو كثير ، فلا بدّ له من تقييد عموماته أو طرحه ما دلّ على
__________________
(١) المائدة (٥) : ٦.
(٢) في (ز ٣) و (ك) : الصلاة.
(٣) الإسراء (١٧) : ٧٨.
(٤) ذخيرة المعاد : ٩٩ و ١٠٠.
(٥) في (ز ٣) و (ك) زيادة : أيضا.