مع أنّه يرد على قوله : (بجواز رفع الحدث إلى غاية معيّنة) ، أنّه إذا ارتفع الحدث بالمرّة ولم يكن باقيا أصلا ، فكيف يمكن أن يقال بعدم ارتفاعه بعد الغاية المعينة؟ وإن أراد أنّه بعد الغاية يعود ، فمعلوم أنّ العود حدوث أمر في شيء بعد انعدامه عنه بالمرّة ، فيكون العائد حدثا جديدا ، وهذا الحدث ليس إلّا الحالة المانعة ، كما ادّعاه واعترف به.
ومن البديهيّات أنّ الحادث لا يكون حدوثه إلّا من سبب ، والسبب منحصر في وجود الماء أو التمكّن منه ، وهو ليس بحدث بالإجماع ، بل ربّما كان ضروريّا ، ولذا صرّح في مقام توجيه كلام السيّد بأنّ التمكّن من استعمال الماء ليس حدثا إجماعا (١) ، وصدّق ما في «المعتبر» ، إلّا ما ذكره في ردّه.
فعلى هذا لا يبقى لما ذكره في ردّه وجه ، ولعلّ مراده من الارتفاع بالمرّة ، هو كون الحدث إلى الغاية وبروزه بعدها ، فلا يبقى لمناقشته مع المحقّق وغيره وجه أصلا ، والاستباحة عند القوم : رفع منع ذلك المانع إلى غاية ، لا رفع نفس ذلك المانع بالمرّة ، حتّى يحتاج في عوده إلى حدث.
وبالجملة ، إن كان الجنب المتيمّم يكون جنبا في حال تيمّمه ـ كما هو مقتضى الإجماع والأخبار ، إلّا أنّه لا مانع من صلاته ونحوها من طرف جنابته الموجودة فيه بسبب تيمّمه ـ تعيّن ما في «المعتبر» وغيره من كلمات القوم ، وإلّا يتوجّه ما عرفت من كون التمكّن من الاستعمال حدثا ، أو حصول الجنابة من دون حدث أصلا ، ويصير الرجل جنبا من دون سبب لجنابته أصلا ، ويصحّ حينئذ مذهب السيّد ، لا مذهب القوم.
مع أنّه بتتبّع الأخبار يظهر أنّ الجنابة لا تحصل إلّا بالتقاء الختانين ـ مثلا ـ أو نزول المني ، ويظهر ذلك من إجماع العلماء أيضا.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٢ / ٢٥٣.