فإنّ المراد من ما يؤكل لحمه ما يحلّ أكله شرعا ، للإجماع على طهارة بول ما يحلّ أكله ، وإن لم يكن معتادا أو متعارفا.
مضافا إلى ظهور كون الوصف علّة للطهارة ، كظهور كون وصف «لا يؤكل» علّة للنجاسة.
وظاهر ذلك كون الإباحة شرعا وعدمها كذلك علّة للطهارة والنجاسة ، لا اتّفاق كثرة أكله وعدمها ، فتأمّل!
وموثّقة عمّار عنه عليهالسلام : «كلّ ما اكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه» (١). والتقريب كما تقدّم.
وقويّة زرارة ـ بالقاسم بن عروة ـ عن أحدهما عليهماالسلام : في أبوال الدواب تصيب الثوب فكرهه ، فقلت : أليس لحومها حلالا؟ قال : «بلى ، ولكن ليس ممّا جعله الله للأكل» (٢). إذ على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة فظاهر ، وأمّا على القول بعدمه ، فإنّ الكراهة ظاهرة في الأعم من الحرمة ـ أي المرجوحيّة المطلقة ـ فتكون ظاهرة في الكراهة الشرعيّة بانضمام الاصول ، أو بانضمام ظهور أنّ الأمر الحرام ـ في مقام جواب السؤال عن حلّيته أو حرمته ـ لا يؤدّى بالعبارة القاصرة عن إفادة الحرمة الظاهرة في مطلق المرجوحيّة ، فإنّ أهل العرف يفهمون منه مجرّد المرجوحيّة المساوق (٣) للكراهة الاصطلاحية.
ويؤيّده سؤال الراوي أنّه ليس بحرام الأكل ، فلم تكرهه؟ والجواب بتصديقه في ذلك وأنّ علّة النجاسة حرمة الأكل ، وعلّة عدمها عدمها ، إلّا أنّه تعالى لم يخلقها للأكل ، بل لأمور اخر ، فلذا كان أكلها مرجوحا ، فيصير بولها أيضا
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٦٦ الحديث ٧٨١ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٠٩ الحديث ٤٠٠٥.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٦٤ الحديث ٧٧٢ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٠٨ الحديث ٤٠٠٠.
(٣) في (ز ٣) و (ك) : المساوي.