زرارة المذكورة ، أو التقيّة (١) ، للموافقة لمذهب العامّة الذين كانوا يقولون بحرمة أكل لحومها ونجاسة أبوالها (٢).
مع أنّ الخبر المنجبر بالشهرة وإن لم يكن صحيحا ، أقوى من الذي اشتهر خلافه بين الأصحاب ، على ما هو طريقة القدماء والمتأخّرين وهو الحق ، كما حقّق في محلّه ، فكيف إذا انضم مع الشهرة جوابر اخر؟ كما عرفت.
وممّا يعضد الطهارة ، بل ويدلّ عليها عموم البلوى بالبول والروث ، سيّما في الأسفار ، سيّما بالنسبة إلى المكاريين وأمثالهم ممّن هو مبتلى بالدواب المذكورة.
فلو كانا نجسين لاقتضى ذلك شيوع نجاستهما ووقوع الاحتراز عنهما في الأعصار والأمصار ، بل قلّ بيت يكون خاليا عن الكلّ غير مبتلى بشيء منهما ، سيّما القرى والبوادي ، والدساكر والخانات.
مع أنّ أحدا من المسلمين لا يحترز عن شيء منهما احترازه من نجس العين.
وممّا يدلّ على طهارة الروث ، ما ورد في المنع عن الاستنجاء به ، وعلّة المنع (٣) ، فلاحظ!
وممّا يعضد أنّ الذي قال بالنجاسة هو ابن الجنيد (٤) الذي كثيرا ما وافق العامة ، بل ربّما خالف الشيعة ، وأنّ الشيخ في «النهاية» وافقه على ما نقل (٥) وبعده رجع عن هذا القول إلى القول بالطهارة (٦) ، فلو لا ما ظهر عليه لم يرجع.
__________________
(١) لاحظ! معالم الدين في الفقه : ٢ / ٤٥١.
(٢) المغني لابن قدامة : ٩ / ٣٢٤ و ٣٢٥ ، المجموع للنووي : ٢ / ٥٥٠ ، لاحظ! الفقه على المذاهب الأربعة : ١ / ١٢ ، ٢ / ٢.
(٣) لاحظ! وسائل الشيعة : ١ / ٣٥٧ الباب ٣٥ من أبواب أحكام الخلوة.
(٤) نقل عنه في مختلف الشيعة : ١ / ٤٥٧.
(٥) نقل عنه في معالم الدين في الفقه : ٢ / ٤٤٧ ، لاحظ! النهاية للشيخ الطوسي : ٥١.
(٦) الاستبصار : ١ / ١٧٩ ذيل الحديث ٦٢٥.