مع أنّه رحمهالله ربّما يفتي بمتن الحديث من دون ذكر توجيه أصلا ، ولذا ذكر مقدّما على ما ذكر متّصلا به ، مرسلا عن الصادق عليهالسلام : عدم البأس أصلا بأن يجعل جلد الخنزير دلوا يستقى به الماء (١). مع كون نجاسة الخنزير من بديهيّات الدين ، وأنّه كان قائلا بانفعال القليل بل البئر بالملاقاة.
ولذا لم ينسب أحد إليه القول بطهارة جلد الخنزير ، أو عدم انفعال الماء.
مع أنّ اليد تنجس بأخذ الدلو ، ولم يقل بوجوب التطهير من أخذه ، ولذا لو كان قائلا بصحّته ، كان قائلا بعدم البأس في أصل الاستقاء ، بأن يكون للزرع مثلا ، كما وجّه الأصحاب ذلك في كلامه وكلام غيره (٢).
ومرّ في مبحث ناقضية النوم للوضوء ما يؤكّد ما ذكرنا (٣) ، فلاحظ! ولهذا وجّهوا كلامه في جلد الميتة بأنّ المراد جلد ميتة غير ذي النفس (٤).
كما كان عادة أعراب البوادي في جعلهم جلد الضب عكّة للسمن ، بقرينة قوله : «يجعل» المفيد للاستمرار التجدّدي.
مع كون الأصل في تصرّفات المسلم الصحة ، أو أنّه يقال : إنّها جلود الميتة ، مع أنّ المسلم يجعل فيها السمن وغيره. كما يقال في الكيمخت وجلود البغال والحمير الأهلية ، ولذا ورد عنهم عليهمالسلام تجويز العمل فيها للسيوف وغيرها وبيعها مع عدم الصلاة فيها (٥) ،. إلى غير ذلك من أمثال ما ذكر ، فتأمّل!
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٩ الحديث ١٤ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٧٥ الحديث ٤٣٧.
(٢) تهذيب الأحكام : ١ / ٤١٣ ذيل الحديث ١٣٠١ ، معالم الدين في الفقه : ٢ / ٥١٧ ، لاحظ! الحدائق الناضرة : ٥ / ٢٠٧.
(٣) راجع! الصفحة : ١٠٩ ـ ١١٣ (المجلّد الثالث) من هذا الكتاب.
(٤) لاحظ! روضة المتّقين : ١ / ٥٦.
(٥) وسائل الشيعة : ١٧ / ١٧٣ الحديث ٢٢٢٨١.