واستدلّ على ذلك بحسنة الحلبي عن الصادق عليهالسلام أنّه سأله عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميّت ، قال : «يغسل ما أصاب الثوب» (١). ومثلها رواية إبراهيم بن ميمون (٢) ، إذ مقتضاهما وجوب غسل الشيء الذي أصاب الثوب وإزالته عنه بالماء.
ويدلّ على ذلك ما في الرواية الأخيرة : «إن كان غسل ، فلا تغسل ما أصاب منه ثوبك ، وإن كان لم يغسل فاغسل [ما أصاب] ثوبك منه».
وممّا ذكر ظهر ما في «المدارك» بعد الروايتين : وإطلاق الروايتين يقتضي تعدّي نجاسته مع الرطوبة واليبوسة ، وهو خيرة العلّامة رحمهالله في أكثر كتبه (٣). لكن قال في «المنتهى» : إنّ النجاسة مع اليبوسة حكميّة ، فلو لاقى ببدنه بعد ملاقاته للميّت رطبا لم يؤثّر في تنجيسه (٤). وقيل : إنّها كغيرها من النجاسات لا تتعدّى إلّا مع الرطوبة ، للأصل ، و [قوله عليهالسلام في] موثّقة ابن بكير : «كلّ [شيء] يابس ذكي (٥)» (٦) انتهى.
قلت : قد ظهر لك عدم الإطلاق الذي ادّعاه ، وأنّ الظاهر صورة التعدّي من الميّت إلى الثوب شيء ، فلا يضرّ ملاقاة الثوب لها يابسا.
ويدلّ عليه أيضا صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهالسلام : عن الرجل يقع ثوبه على حمار ميّت ، هل يصحّ الصلاة فيه قبل أن يغسله؟ قال : «ليس عليه
__________________
(١) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٧٦ الحديث ٨١٢ ، الاستبصار : ١ / ١٩٢ الحديث ٦٧١ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦٢ الحديث ٤١٧٩.
(٢) الكافي : ٣ / ٦١ الحديث ٥ ، تهذيب الأحكام : ١ / ٢٧٦ الحديث ٨١١ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٦١ الحديث ٤١٧٨.
(٣) تذكرة الفقهاء : ٢ / ١٣٥ المسألة ٢٦٩ ، قواعد الأحكام : ١ / ٨ ، منتهى المطلب : ٢ / ٤٥٨.
(٤) منتهى المطلب : ٢ / ٤٥٦.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٤٩ الحديث ١٤١ ، وسائل الشيعة : ١ / ٣٥١ الحديث ٩٣٠.
(٦) مدارك الأحكام : ٢ / ٢٧٠ و ٢٧١.