إمكان التحرّز أو يشقّ التحرّز ، فيكون عفوا رفعا للحرج والمشقّة.
ويظهر من دليله أنّه معتقد بعموم الدليل على نجاسة الكلّ ، وقد عرفت الدليل ، إلّا أن يقال : المتبادر منها ما يكون فيه الروح عند الانفصال ، لا ما خرج عنه قبله ، كما هو الحال في الامور المذكورة ، ولذا لا يحسّ بمسّها ولا عصرها ولا تمزّقها ، وإن أحسّ قطعها ، لكنّه مشكل أيضا ، لشمول الدليل ما كان فيه روح ، فالدليل لزوم الحرج في موضع يلزم.
وإنّ المسلمين في الأعصار والأمصار كانوا يحكّون جلودهم في شدّة الحرّ من الصيف كثيرا ما يرتفع القشور من البثور ونحوها من غير غسل مجموع الجسد والثياب التي تمسّه ، مع التأمّل في شمول العمومات لمثل المقام ، إذ ما يصلح لشموله عموم مفهوم العلّة في صحيحة الحلبي (١). ويمكن التأمّل في تبادر مثل المقام منه فتأمّل جدّا ، لأنّ المتبادر منها غير الإنسان جزما ، بل لا وجه لشمولها الإنسان أصلا ، لأنّ الصوف من خواص الحيوان الذي ليس بإنسان ، ولذا قال : «ما كان من صوف الميتة» من دون ذكر الميّت أيضا ، فلا يستفاد من المنطوق أزيد من طهارة ما لا روح فيه من الميتة ، ولا الميّت أيضا.
والمفهوم على القول بعمومه لا يتعدّى عن موارد المنطوق ، لأنّه فرعه.
ألا ترى أنّ قولهم عليهمالسلام : «ماء البئر لا يفسده شيء ، لأنّ له مادّة» (٢) لا يفيد أزيد من عدم انفعال كل ماله مادة ، لا غير الماء من المياه المضافة ممّا له مادة ، وما ذكرنا لا يدل المفهوم المذكور على نجاسة ما فيه روح من الأحياء ، بل يدلّ على أنّ ما خرج عنه الروح فصار ميتة ، لا يجوز الصلاة فيه.
__________________
(١) وسائل الشيعة : ٣ / ٥١٣ الحديث ٤٣٢٥.
(٢) الاستبصار : ١ / ٣٣ الحديث ٨٧ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٧٢ الحديث ٤٢٧.