بل لم نجد ما يدلّ على نجاسة الميّت سوى حسنة الحلبي ، ورواية إبراهيم بن ميمون السابقتين (١) ، ولا دلالة فيهما على نجاسة ما ذكر في المقام أصلا.
والإجماع غير متحقّق في المقام ، لما أشرنا إليه من عادة المسلمين ، ولأنّ العلّامة رحمهالله مع كونه من أئمّة الفن ، وكونه أحد المجمعين بالإجماع المذكور ، مضافا إلى أنّه هو الذي احتجّ بتنقيح المناط المذكور (٢) ، ومع جميع ذلك صرّح في «المنتهى» و «النهاية» بطهارة هذه الأجزاء الصغار (٣).
ويشهد على ما ذكرنا صحيحة علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليهالسلام أنّه سأله عن الرجل يكون به الثالول والجراح ، هل يصلح له أن يقطع الثالول وهو في صلاته ، أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه؟ قال : «إن لم يتخوّف أن يسيل الدم فلا بأس ، وإن تخوّف الدم فلا يفعل» (٤).
وترك الاستفصال عقيب السؤال يفيد العموم والشمول لصورة وجود رطوبة الوضوء أو العرق.
مع أنّ بلد السؤال والجواب من البلدان الحارة في أكثر الأوقات يوجد العرق في اليد أو الجلد الآخر من البدن ، مضافا إلى أنّ بعض اللحم الذي ينتف لا يكون خاليا من الرطوبة البتّة ، فربّما تصل إلى الإصبع الذي ينتف.
والبناء على أنّه كان يعرف نجاسته ، بحيث كان يحترز عن وصول تلك الرطوبة وغيرها ، وكان سؤاله عن نفس الفعل وأنّه مناف للصلاة أم لا ، يمنعه
__________________
(١) راجع! الصفحة : ٤٤٧ من هذا الكتاب.
(٢) نهاية الإحكام : ١ / ٢٦٩.
(٣) منتهى المطلب : ٣ / ٢١٠ ، نهاية الإحكام : ١ / ٢٧١.
(٤) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٦٤ الحديث ٧٧٥ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٧٨ الحديث ١٥٧٦ ، الاستبصار : ١ / ٤٠٤ الحديث ١٥٤٢ ، وسائل الشيعة : ٧ / ٢٤٢ الحديث ٩٢٢٦ مع اختلاف يسير.