قوله عليهالسلام : «إن لم يتخوّف». إلى آخره ، إذ خوف سيلان الدم أجلى وأظهر ممّا ذكر البتّة ، فكيف تعرّض لما هو أجلى بمراتب ، بل ضروري مذهب الشيعة ، ولم يتعرّض لما هو أخفى بمراتب ، بل لم يظهر إلى الآن وجهه ولا حقيقته مطلقا على فحول فقهائنا؟
مع أنّ الأصل عدم ما ذكر من اطّلاعه على وجوب الاجتناب والتحرّز والتحفّظ التامّ ، بحيث لا يكون رطوبة أصلا ولا تصل اليد إلى الشيء من الطرف المنتوف مطلقا.
على أنّا نقول : الظاهر من قوله عليهالسلام : «إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس» جواز القطع في هذه الصورة ، كما هو الظاهر من سؤال الراوي ، لا وجوب القطع. فلو كان زوال الروح من هذه الأجزاء منشأ لنجاستها ، لوجب قطعها جزما ، وقد عرفت الزوال.
بل نقول : من ضروريّات الدين عدم وجوب القطع حينئذ ، وأنّ المسلمين في الأعصار والأمصار كانوا يصلّون مع هذه الأجزاء أو شيء منها جزما ، وما كانوا يتحذّرون ويحترزون عنها بالمرّة.
وربّما يصير شيء منها يابسا غاية اليبوسة ، عاريا عن الحياة على سبيل القطع بالمرّة.
وبالجملة ، أصالة الطهارة والعمومات سالمة عن المعارض بالمرّة ، ودلالة الصحيحة أيضا واضحة ، وطريقة المسلمين عاضدة ، ونفي الحرج والعسر وكون الملّة سهلة سمحة معينة ، بحيث لا يبقى تأمّل ومرية!
تذنيب : قد عرفت أنّ الميّت المحكوم بنجاسته هو الذي لم يغسل وبرد بالموت ، فالذي غسّل طاهر طهّره الغسل على حسب ما قرّر شرعا عند الفقهاء.