يجعلا نجاسة البتّة ، إذ لم يقل أحد بنجاسة الحرير والذهب والسمور ، وفضلاته وفضلات أمثاله ممّا لا يؤكل لحمه ، وهو طاهر على اليقين ، وكذا نجاسة مثل التراب وغيره ممّا حرم أكله مع طهارته.
ومن هذا اعترض المصنّف على المستدلّ بالحسن السابق على نجاسة الميّت بعدم الدلالة ، لإمكان أن يكون المراد إزالة ما أصاب الثوب ، ممّا على الميّت من رطوبة أو قذر تعدّيا إليه ، مع أنّك عرفت أنّ المراد ليس إلّا ما ذكره ، ولا يحتمل ظاهر الحديث إلّا ذلك ، وهو جعل إمكان إرادته مانعا عن الدلالة على النجاسة.
مع أنّه لو كان طاهرا ، فأيّ معنى لوجوب غسل ما تعدى إلى الثوب من رطوباته؟
مع أنّ الرطوبة ربّما تكون من الخارج ، وكلمة (ما) من أداة العموم لغة ، وعلى فرض الانحصار في كونها من الميّت ، فالمناقشة في دلالة وجوب غسلها على النجاسة يستلزم المناقشة في جميع دلالات الأحاديث على النجاسة في جميع النجاسات.
مع أنّ المصنّف رحمهالله يستدلّ بالأحاديث في الكلّ ، مع عدم دلالة واحد منها على النجاسة الشرعيّة ، إذ غاية ما يستفاد منها وجوب الغسل وإعادة الصلاة ، أو حرمة الأكل والشرب ، وأمثال ذلك ، وقد عرفت الحال.
قوله : (فحكم بأنّها). إلى آخره.
في أكثر كتبه لم يذكر سوى تعدّي النجاسة مع اليبوسة أيضا.
لكن في «المنتهى» قال : إنّها مع اليبوسة حكميّة ، فلو لاقى بيده بعد ملاقاته للميّت رطبا لم يؤثّر في تنجيسه (١).
__________________
(١) منتهى المطلب : ٢ / ٤٥٦.