المقيّد أقوى ، كما حقّق في محلّه ، وإلّا فلا وجه ، لأنّ كلّ واحد منها حجّة شرعيّة ، فترجيح أحدهما على الآخر ـ بأن يجعل مقيّدا له ـ يتوقّف على المرجّح ، ومجرّد كون التقييد عملا بهما لا يكون مرجّحا ، لأنّ العمل بهما غير منحصر فيه.
مع أنّك عرفت أنّ الصحاح في غاية القوّة من الدلالة وعموم المنع عن الانتفاع.
بل وأقوى من المقيّد الذي عرفته بمراتب ، فضلا عن المرجّحات الاخر التي عرفت.
بل المقيّد لو كان صحيحا لم يقاوم الصحاح لوجوه شتّى ، فكيف إذا لم يكن صحيحا؟
مع أنّ المصنّف لا يعمل بغير الصحيح ، وإن لم يكن معارضا للصحيح ، فكيف إذا عارض الصحاح المستجمعة لفنون المرجّحات؟ كما أنّ غير الصحيح مستجمع لفنون من الموهنات ، كما لا يخفى على المتأمّل.
وما قال من أنّ عدم جواز الانتفاع لا يستلزم النجاسة. فيه : أنّها كانت نجسة قبل الدباغ ، وهي مستصحبة حتّى يحصل اليقين بالطهارة.
وأيضا حال الدباغة أيضا ميتة جزما ، فيشملها ما دلّ على نجاستها ، فيكون المدبوغ ميتة مسلّمة عندك أيضا.
وكذا كلّ ميتة نجسة ، كما هو مقتضى الأخبار الدالّة على نجاستها [من] دون التقييد بعدم الدباغة ، بل وغاية شمول بعضها للمدبوغ ، كما عرفت.
وكيف كان ، كان على المصنّف إثبات مطهريّة الدباغ لما هو نجس لو لم يدبغ ، لأنّ الاستصحاب عنده حجّة ، وكذا الإطلاقات.
وصرّح (١) بأنّ كلّ شيء حكم بنجاسته شرعا فلا بدّ لطهارته من دليل
__________________
(١) في (د ١) زيادة : به.