مع أنّه كيف يقول : «لا بأس ، تغسل يديها»؟ مع أمرهم عليهمالسلام في كثير من أخبارهم بالتجنّب عمّا مسّه أهل الذمّة عن غسالتهم ، وعن رشاشة غسالتهم (١) ، وأمثال ذلك. وحاشاهم أن يكونوا ممّن يأمر الناس بالبرّ وينسى نفسه ، وممّن يقول ما لا يفعل ، وغير ذلك من أمثال الذموم الواردة منهم.
وصحيحة العيص ربّما كانت ظاهرة في نجاستهم لقول المعصوم عليهالسلام : «لا بأس إذا كان من طعامك» (٢) إذ لو كانوا طاهرين ، لما كان للشرط وجه ، بل كان اللازم إظهار حلّية طعامهم.
مع أنّه سأل الصادق عليهالسلام ـ بعد السؤال المذكور ـ عن مؤاكلة المجوسي ، فقال :
«إذا توضّأ فلا بأس» (٣) فلم يشترط فيه كونه من طعام المخاطب ، كما أنّه لم يشترط في اليهودي والنصراني التوضّؤ ، فتأمّل جدّا!
وأمّا صحيحة علي بن جعفر فصدرها أنّه سأل أخاه عليهالسلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمّام ، قال : «إذا علم أنّه نصراني اغتسل بغير ماء الحمّام ، إلّا أن يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثمّ يغتسل» (٤).
وهذا صريح في نجاستهم مع المبالغة فيها ، لأنّ المراد أنّه لا يغتسل مع النصراني ، إلّا أن يغتسل النصراني ويبقى هو وحده ، فيغسل الحوض من جهة غسل النصراني منه ، ثمّ يغتسل من ماء الحمّام. مضافا إلى أنّه روى غير مرّة عن أخيه عليهالسلام ما دلّ على نجاستهم ، منها ما ذكرناه سابقا (٥). وكذلك قوله : «لا» في
__________________
(١) راجع! وسائل الشيعة : ٣ / ٤١٩ الباب ١٤ من أبواب النجاسات.
(٢) وسائل الشيعة : ٢٤ / ٢٠٩ الحديث ٣٠٣٦١.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ٣ / ٢١٩ الحديث ١٠١٦ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ٨٨ الحديث ٣٧٣ ، وسائل الشيعة : ٢٤ / ٢٠٩ الحديث ٣٠٣٦١.
(٤) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٢٣ الحديث ٦٤٠ ، وسائل الشيعة : ٣ / ٤٢١ الحديث ٤٠٤٨.
(٥) راجع! الصفحة : ٥٠٨ من هذا الكتاب.