القدر الذي استدلّ به المستدلّ يدلّ على النجاسة.
وأمّا قوله : «إلّا أن يضطرّ إليه» فدلالته على الطهارة فرع انفعال الماء القليل.
ومع ذلك ربّما كان المراد من الضرورة التقية ، على ما ستعرف في مبحث انفعال الماء القليل ، إذ لو كان النصراني طاهرا لم يكن في المنوع السابقة والتشديدات وجه.
مع أنّ قوله عليهالسلام : «إلّا أن يضطرّ إليه» أيضا ظاهر في أنّه ممنوع إلّا إذا حصل الاضطرار ، ومعلوم أنّ الضرورات تبيح المحظورات ، ولو لم يكن محظورا لما توقّف رفعه على الضرورة.
وممّا يعيّن حمل ما دلّ على الطهارة على التقية مضافا إلى الامور الكثيرة السابقة ـ أنّه يظهر من الأخبار الدالّة على النجاسة أنّهم يردّون على العامة وأنّهم يقولون بطهارتهم من جهة قوله تعالى (وَطَعامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ حِلٌّ لَكُمْ) (١) على حسب ما استدلّ المستدلّ وغير ذلك ، فتأمّل جدّا (٢)!
ويؤيّده أيضا ما دلّ على الطهارة ربّما يظهر منه اضطراب منهم عليهمالسلام مثل صحيحة علي بن جعفر ، وصحيحة العيص على تقدير كون المراد طهارتهم.
وصحيحة إسماعيل بن جابر أنّه قال للصادق عليهالسلام : ما تقول في طعام أهل الكتاب؟ فقال : «لا تأكله» ، ثمّ سكت هنيئة وقال : «لا تأكله» ، ثمّ سكت هنيئة وقال : «لا تأكله ، ولا تتركه تقول : إنّه حرام ولكن تتركه تنزّها عنه ، إنّ في آنيتهم الخمر والخنزير» (٣).
__________________
(١) المائدة (٥) : ٥.
(٢) في (د ٢) و (د ١) : فتأمّل تجد.
(٣) الكافي : ٦ / ٢٦٤ الحديث ٩ ، تهذيب الأحكام : ٩ / ٨٧ الحديث ٣٦٨ ، المحاسن : ٢ / ٢٤٢ الحديث