وذكر بعض الأصحاب أنّ الطهارة حينئذ لا خلاف بينهم فيها ، وإنّما اختلفوا في تبعيّته للمسلم في الإسلام ، بمعنى ثبوت أحكامه له (١).
لكن نقل عن «الذكرى» أنّه قال : ولد الكافرين نجس ، ولو سباه مسلم وقلنا بالتبعيّة طهر ، وإلّا فلا (٢).
وقوّى بعض المتأخّرين الطهارة لكونها أصلا (٣) ، خرج ما قبل السبي بالدليل ، وبقي الباقي.
ويظهر من كلامهما أنّ نجاسته قبل السبي أظهر وأجلى من طهارته بسبي المسلم ، والحال أنّ منشأ الحكمين فتوى الفقهاء.
والشهيد رحمهالله وإن ظهر منه التأمّل في الثاني ، إلّا أنّ العلّامة رحمهالله في «النهاية» قال : الأقرب في أولاد الكفّار التبعيّة لهم (٤).
نعم ، العلّامة وجماعة استدلّوا لطهارة المسبي المذكور بأصالة الطهارة (٥) ، كما ذكر عن بعض المتأخّرين.
لكن يرد عليهم أنّ الاستصحاب حجّة عندكم ، إلّا أن يبنوا على تغيّر الموضوع في المقام ، لأنّ نجاستهم لم يكن إلّا لتبعيّته لوالديه ، والتبعيّة زالت وانقلبت بتبعيّته المسلم ، فتأمّل!
والظاهر أنّ السابين من المسلمين ما كانوا يجتنبون عن مساورة من سبوه من الأطفال ، وإلّا لاشتهر الاجتناب ، لا أنّه يشتهر عدم الاجتناب ، إلى أن اشتهر
__________________
(١) لاحظ! ذخيرة المعاد : ١٥٣ ، الحدائق الناضرة : ٥ / ٢٠٠ و ٢٠١.
(٢) نقل عنه في معالم الدين في الفقه : ٢ / ٥٤٠ ، لاحظ! ذكرى الشيعة : ١ / ١١٩.
(٣) ذخيرة المعاد : ١٥٣.
(٤) نهاية الإحكام : ١ / ٢٧٤.
(٥) نقل عن العلّامة في معالم الدين في الفقه : ٢ / ٥٤١ ، مدارك الأحكام : ٢ / ٢٩٨ ، ذخيرة المعاد : ١٥٣.