قوله : (ومنهم من قال). إلى آخره.
لا يخفى أنّ جمعا من الأصحاب ذكروا ذلك ، كما صرّح به في «المدارك» ، وغيره في غيره (١) بل في «المعالم» : أنّ هذا هو المتعارف بين المتأخّرين (٢).
وقد عرفت أنّهم ما اعتبروا العصر إلّا فيما يرسب فيه ماء الغسالة والصابون ، والفواكه لا يرسب فيهما الماء رسوبا يخرج بالعصر ، وتنجّس هذه الامور على ضربين.
ضرب ينجّس ظواهرها من دون سريان للنجاسة في أعماقها أصلا ورأسا وهذا يطهّر بمجرّد صبّ الماء عليه من دون حاجة إلى العصر أصلا. نعم ، يدلكه لو احتيج إليه. وضرب سرت النجاسة في أعماقها إمّا أوّلا ، وإمّا بعد صبّ الماء عليه للغسل ، بأن تسري الغسالة النجسة في العمق.
والقسم الأوّل من هذا الضرب كيف يمكن الحكم بطهارته بمجرّد ملاقاة الماء لظاهره وعدم نفوذه في الأعماق ، أو نفوذه فيها لكن لا تخرج منها النجاسة ، من جهة عدم إمكان العصر وتوقّف الإخراج عليه؟
وأيضا ربّما كانت الرطوبة السارية فيها مستقرّة ، لا تدع أن يدخل الماء في الغسل في الأعماق حتّى يلاقي النجاسة ويذيبها ، أو يغسلها ويزيلها ، كما هو الحال في العجين النجس ونحوه ، والأرز المطبوخ بالماء النجس ونحوه ، مثل الزبيب المنقوع في الماء النجس.
والحاصل أنّه مع بقاء عين النجاسة لا يمكن الحكم بالطهارة أصلا.
والعفو عن المتخلّف في الحشايا والحكم بطهارته إنّما هو في الغسالة من الغسلة
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٢ / ٣٣١ ، ذخيرة المعاد : ١٦٢ و ١٦٣.
(٢) معالم الدين في الفقه : ٢ / ٦٥٨.