وأمّا عظام الموتى ، فربّما كانت من الكلب ونحوه ، مع أنّه ربّما لا يخلو عن لحم ما وجلد ما يابسين ، مع أنّه لم يستفصل فيها أيضا أنّها خالية عمّا ذكر أم لا ، ومع جميع ذلك حكم بأنّ الجصّ المذكور طهّره النار ، بناء على مزجه وخلطه بالمحترق منهما ، بل وقبل الاحتراق أيضا ربّما يحصل مزج أو التنجّس بملاقاة دسومات العظام أو نفسها ونفس العذرة أيضا ، لاحتمال رطوبة ما فيها أو في بعضها ، وكذلك في عظام الموتى ، والمعصوم عليهالسلام لم يستفصل عن هذا أيضا ، فحكم بالتطهير بالنار على الإطلاق.
فظهر من الإطلاق أنّ المتنجّس أيضا يطهر باحتراق نجس العين وطبخ المتنجّس ، كما هو الحال في الآجر ، ولذا استدلّوا لتطهير الآجر بالطبخ بهذه الصحيحة ، كما ستعرف.
وبهذا ظهر وجه جعل النار من جملة المطهّرات من حيث هي نار ، لا أنّ المطهّريّة هو الاستحالة فقط ، سواء وقعت في النار أو غيرها من غير مدخليّة لخصوصيّة النار ، كما فعله المصنّف وخالف المشهور.
وممّا يشهد للمشهور الإجماع المنقول على مطهريّة النار (١) ، كما مرّ (٢) وسيجيء أيضا.
إذا عرفت هذا فاعلم! أنّ صيرورة النجس رمادا بالاحتراق لم يتأمّل فيه أحد من فقهائنا.
وأمّا الدخان ، فظاهر الأصحاب أنّه مثل الرماد (٣) ، بل وادّعى بعضهم الإجماع (٤).
__________________
(١) الخلاف : ١ / ٤٩٩ مسألة ٢٣٩.
(٢) راجع! الصفحة : ٢٣٥ من هذا الكتاب.
(٣) نهاية الإحكام : ١ / ٢٩٢ ، الدروس الشرعيّة : ١ / ١٢٥.
(٤) ذكرى الشيعة : ١ / ١٣٠ ، جامع المقاصد : ١ / ١٧٩.