ولا يتأمّل أنّ ذلك ممّا رضي به العاقل ، بل الفحول من أرباب العقول ، والحجّة في غاية الوضوح ، مع أنّه يردّ عليه : أيّ عاقل يرضى بأن يكون الماء عند قصوره عن الطهارة به وتمكّن المكلّف من البول فيه قدرا لا يخرجه عن إطلاق اسم الماء ويفي بذلك للطهارة ، يجب عليه حينئذ أن يبول ثمّ يرفع الخبث به ثمّ يتوضّأ؟!
بل أعجب من ذلك أنّه مع التمكّن من الماء المضاف لأجل عدم التيمّم بالنحو الذي ذكر يتخيّر بينه وبين أن يبول في الماء ، لعدم انفعال الماء.
وأعجب من ذلك أنّه مع التمكّن من الماء الطاهر يتخيّر بين أن يتطهّر به أو بالماء الذي يبول فيه القدر الذي ذكر!
وأعجب من ذلك أن يستحلّ شرب بول نفسه ، أو بول الكلب ، أو الخنزير ، أو الكافر بذلك ، مع التمكّن من الماء الخالص الطاهر!
وأعجب منه أن يستحلّ شرب أبوال (١) المذكورة والخمر وسائر المسكرات والفقّاع بالحيلة المذكورة.
وأعجب من هذه الامور أن يأخذ الماء الذي شربه الكلب أو الخنزير أو الكافر ، وتقيّئوا به بساعته قبل أن يستحيل إلى لعابهم ورطوباتهم ، أو مع الشكّ في الاستحالة! لأنّ الأصل في الأشياء الطهارة والإباحة حتّى يثبت المنع ، كما اعترف به.
وأعجب من ذلك أنّ مع التمكّن من المياه الطاهرة النظيفة التي لا غبار عليها يفعل ما ذكره ، ويستحلّ الشرب والتطهير ، ويعصر شعر الكلب والكافر والخنزير لإخراج ما فيها من المياه الكثيفة ، ويشرب ويتطهّر ، وإن لم يف فيبول فيه ، أو يأخذ بول الكلب ويجعله تتمّة ، على حسب ما ذكر!
__________________
(١) كذا ، والصحيح : الأبوال.