قوله : (بما مرّ).
أي بالنزح والغور والاستهلاك ، أي إلقاء الماء عليه ـ سواء كان ذلك الماء من المحقون أو الجاري أو المطر ـ إلى أن يتحقّق المزج المستهلك للنجس.
وظاهر أنّ تطهيره بها لا يتوقّف على الاستهلاك ، بل المزج العرفي كاف ، كما بيّناه.
نعم ، المعتبر في المتغيّر زوال تغيّره به ، فلذا عبّر بالاستهلاك ، والعمدة في تطهير البئر النزح ، بل الظاهر من الأخبار وكلام المشهور انحصار المطهّر للبئر فيه ، والأحوط الاقتصار عليه ، وإن صرّح بعضهم بمطهّرية الكلّ (١).
وتطهير البئر مع عدم تغيّرها ، بناء على القول بانفعالها بالملاقاة وقد عرفت أنّ الظاهر من الأدلّة عدم الانفعال ، لكن الانفعال هو المشهور بين القدماء ، بل نقل ابن زهرة الإجماع عليه (٢) ، ونفى ابن إدريس الخلاف فيه (٣).
مع أنّه نسب الخلاف إلى ابن أبي عقيل ، والحسين بن عبيد الله الغضائري ، ومفيد بن الجهم (٤) ، وهو الظاهر من الشيخ (٥) ، كما عرفت.
فظهر حال كلام ابن إدريس. وأمّا الإجماع المنقول ، فغايته أن يكون خبرا واحدا ، دالّا على الانفعال ، وقد عرفت حال الأخبار الدالّة عليه ، إلّا أنّ الاحتياط في مراعاتها ، سيّما مع الشهرة العظيمة ، إلّا أنّ الأوفقيّة بمذهب العامّة ربّما يأبى عن الاهتمام بالاحتياط ، سيّما مع الأبعديّة عن السهولة في الدين والسماحة ، مع أنّه في
__________________
(١) الحدائق الناضرة : ١ / ٣٧٧.
(٢) غنية النزوع : ٤٧.
(٣) السرائر : ١ / ٦٩.
(٤) نقل عنهم في مختلف الشيعة : ١ / ١٨٧ ، مدارك الأحكام : ١ / ٥٤ ، الحدائق الناضرة : ١ / ٣٥٠.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ٢٣٢.