فعلى هذا يمكن أن يقال : الحكم بالاغتسال بالارتماس قطعيّ ، وأمّا أزيد من ذلك فمشكوك فيه ، ويحتمل البناء على العموم في مقام التسامح في أدلّة السنن.
وأمّا الوجوب فقد عرفت ضعفه ، سيّما في المقام لما عرفت ، إذ الأكثر على أنّ النزح هنا لسلب الطهوريّة أو سلب كمال الطهوريّة.
وقيل : بأنّه لنجاسة البئر (١) ، وفيه ما قد عرفته ، وإن نسب إلى شاذّ أنّ اغتسال الجنب الخالي عن النجاسة ، ينجّس الماء في خصوص البئر ومسألة نزحها له ، محتجّا بالأمر بالنزح (٢) ، وهو عجيب ، وقيل : إنّه للتعبّد (٣).
ثمّ اعلم! أنّه لو اغتسل في البئر هل يكون غسله صحيحا أم لا؟ على المختار من كون النزح للاستحباب فقط يكون صحيحا البتّة ، إلّا أن يكون اغتساله حراما من جهة كونه غصبا وتصرّفا في ملك الغير بغير إذنه.
وكذلك الحال لو قلنا بوجوبه تعبّدا ، بل على القول بوجوبه لرفع زوال سلب المطهّريّة أيضا يكون الحكم كذلك ، لعدم ما يقتضي الفساد ، وكذا على القول بالنجاسة.
واختار المحقّق الشيخ علي الفساد (٤) ، للنهي الوارد في رواية ابن أبي يعفور من قوله عليهالسلام : «لا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم» (٥).
وفيه ، أنّه إذا كان الماء ماء القوم يكون فاسدا ، لما عرفت ، ويمكن أن يكون
__________________
(١) مسالك الأفهام : ١ / ١٨ ، روض الجنان : ١٥٤ ، الروضة البهيّة : ١ / ٤١.
(٢) روض الجنان : ١٥٣ و ١٥٤.
(٣) منتهى المطلب : ١ / ٦٨.
(٤) جامع المقاصد : ١ / ١٤٣.
(٥) تهذيب الأحكام : ١ / ١٤٩ الحديث ٤٢٦ ، الاستبصار : ١ / ١٢٧ الحديث ٤٣٥ ، وسائل الشيعة : ١ / ١٧٧ الحديث ٤٤٣.