وذلك لما عرفت من أنّ الماء بالطبع يميل إلى عنصره ومركزه ، لا إلى فوق ويميل من يمين القبلة إلى يساره وبالعكس ، لأنّه من قبيل مساواة مجرى الماء ، إذ بالمساواة أيضا يجرى ، لكن لا يجري إلى فوق.
والحاصل ، أنّ جريان الماء إلى أسفل في غاية ميل منه ، لكونه ميلا إلى الأصل ، وجريانه إلى الفوق في غاية مخالفة ميله. وأمّا جريانه إلى المساوي ، فهو بين بين ، ويكون المراد من جريان الماء إلى القبلة إلى يمين أنّ قبلة أهل العراق يمين الجنوب بشيء يسير ، والمعتبر واقعا هو الجنوب.
لكن اعتبر القبلة في هذا المعنى لكونها المعروفة بين الناس ، بخلاف نفس الجنوب ، ومع ذلك ليس بينها تفاوت معتدّ به.
والحاصل ، أنّ مراد المعصوم عليهالسلام أنّ التباعد عن البالوعة خوفا من جريان ماء البالوعة إلى البئر. فإذا كانت البالوعة في جهة القبلة والبئر في دبرها لا يجري الماء من البالوعة إلى البئر ، بخلاف العكس ، وبخلاف ما إذا كانت البالوعة عن يمين القبلة والبئر عن يسارها وبالعكس.
فالمعصوم عليهالسلام تعرّض في تلك الرواية إلى أمرين : سهولة الأرض وصلابتها ، وفوقيّة البالوعة وعدمها.
وفيها دلالة على مذهب ابن الجنيد من أنّه إن كانت البالوعة أسفل والنظيفة أعلاها فلا بأس.
وقال قبل ذلك : لا أستحبّ الطهارة من بئر تكون النجاسة التي تستقرّ فيها من أعلاها في مجرى الوادي ، إلّا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنى عشر ذراعا ، وفي الأرض الصلبة سبعة أذرع.
ثمّ ذكر ما ذكرنا عنه ، ثمّ قال : وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة ، فسبعة