وبالجملة ؛ إذا كانت المرجّحات كلّها معها ، فكيف يمكن التمسّك بخلافها وترجيح خلافها عليها؟ وهذا واضح.
والمحقّق في «المعتبر» لمّا نقل صحيحة ابن محبوب ، وقال بعد نقلها : وعندي أنّ هذه حسنة ، والاصول تطابقها ، لأنّه صلّى صلاة مشروعة مأمورا بها ، فيسقط الفرض بها ، ويؤيّد ذلك قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع عن أمّتي الخطأ والنسيان» (١) ، انتهى (٢).
وفيه أنّ سقوط الفرض من تحقّق الامتثال العرفي الذي هو الإتيان بالمطلوب واقعا لا مطلقا ، لعدم كونه مسلّما ولا بيّنا ولا مبيّنا.
وتحقّقه بعد ظهور المخالفة لما امر به وإن كانت نادرة قليل في أمر غاية القلّة فيه ما فيه ، سيّما مع ما عرفت من الأخبار المعتضدة بعمل الأصحاب ، وغيره من المرجّحات المذكورة الصريحة غاية الصراحة.
وكون الاصول تطابقها أيضا محلّ تأمّل ، لاستدعاء شغل الذمّة اليقيني البراءة اليقينيّة ، ولأصالة عدم الخروج عن العهدة بها ، وأصالة عدم كونها صلاة مأمورا بها ، وعدم كونها العبادة المطلوبة وغيرها.
هذا ؛ مضافا إلى أنّ العبادة اسم للصحيحة لا للأعم ، مع أنّ الشيخ نسب هذه الرواية إلى الشذوذ (٣).
وفي التأييد أيضا نظر ظاهر ، لأنّه لا ربط للمدّعى أصلا ، إذ المدّعى هو كون صلاة الناسي المذكور صحيحة أو باطلة.
والذي يظهر من قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رفع». إلى آخره ، هو كون الناسي غير
__________________
(١) الخصال : ٤١٧ الحديث ٩ ، وسائل الشيعة : ١٥ / ٣٦٩ الحديث ٢٠٧٦٩.
(٢) المعتبر : ١ / ٤٤١ و ٤٤٢ مع اختلاف يسير.
(٣) تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٦٠ ذيل الحديث ١٤٩٢.