كان قائلا بذلك في صورة عدم تيسّر النزع الغالب.
والصدوق ربّما كان فتواه عين مضمون الرواية ، من دون إظهار التوجيه بالتخصيص والتقييد وغيرهما ، مع حصول العلم بأنّ عمله كذلك ، وإن لم يظهر ، كما هو الحال في كثير من المستحبّات ، فإنّه يروي حديثه بلفظ ظاهر في الوجوب ، من دون ذكر تأويل ، أو إتيان معارض ، كما هو الحال في مستحبّات الأوقات ، والأيّام الشريفة وغيرها ، وغير ذلك.
وكذا الحال في المطلقات والعمومات الكثيرة ، وعرفت أنّها وإن كانت مطلقة ، إلّا أنّها مقيّدة ، ولذا لم ينسب أحد إلى ذلك.
سلّمنا ؛ لكن الخبر المنجبر بعمل الكلّ ليس مثل الذي لم يعمل به إلّا نادرا ، سيّما ويكون مثل الصدوق ، فإنّه عمل في المشهور بالعدد (١) ، وقال باسهاء النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، والمعصوم عليهالسلام (٢) ، لما رواه العامّة (٣) بنحو يظهر كونها موضوعة على ما حقّق ، إلى غير ذلك.
وكيف كان ؛ لا شكّ في عدم المقاومة ، فضلا عن الغلبة ، سيّما بعد ملاحظة الإجماعات وغيرها ، واتّفاق القدماء والمتأخّرين على الفتوى ، بعدم التحتّم المذكور.
بل وعدم نسبته إلى أحد حتّى الصدوق ، وأنّه وغيره من القدماء كالكليني ، قد أكثروا من إيراد الروايات التي لا يعملون بظاهرها جزما ، مع عدم إظهار منه أصلا ، فلعلّ المقام منه ، فإنّه في ذلك الزمان إلى أواخر أزمنة المتأخّرين كان عدم
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ٢ / ١١١.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ٢٣٤ ذيل الحديث ١٠٣١.
(٣) المجموع للنووي : ٤ / ٩٤ ، المغني لابن قدامة : ١ / ٣٧٣.