ذلك من الأخبار الدالّة على استحبابه أيّ نحو يكون.
واعلم! أنّ هذه الأخبار تدلّ على تحقّقه بالعنزة وغيرها ممّا هو مختصّ بالاتخاذ.
وأمّا تحقّقه بالحائط والسارية فمستنده من الأخبار بالخصوص غير معلوم ، وأمّا الفتاوى فواضحة ، والإجماع متحقّق فيه أيضا.
ولعلّ الفقهاء فهموا من الأخبار التمثيل بالعنزة وغيرها ، كما يشهد عليه صحيحة أبي بصير عن الصادق عليهالسلام قال : «لا يقطع الصلاة شيء ، [لا] كلب ولا حمار ولا امرأة لكن استتروا بشيء ، فإن كان بين يديك قدر ذراع رافع من الأرض فقد استترت» (١) وغيرها ممّا سيذكره المصنّف.
ولا يخفى أنّ أكثر الأخبار مطلقة من دون ذكر المرور ، فلعلّه يحمل على المقيّد ، كما في رواية أبي بصير ، وصريح كلام الكليني ، ولا يضرّ ضعف السند في بعضها ، للمسامحة في أدلّة السنن.
واعلم! أنّه لا شبهة في كون مكّة ـ شرّفها الله تعالى ـ مثل غيرها في استحباب السترة للعمومات والإطلاقات ، إذا لم يكن مانع من الخارج ، كالازدحام وغيره ، للتضيّق على الناس ، لكن ربّما لا يمنع ذلك ، مثل الخط بين يديه.
قال في «التذكرة» : لا بأس أن يصلّى في مكّة بغير سترة ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم صلّى هناك ، وليس بينه وبين الطواف سترة ، لأنّ الناس يزدحمون هناك فلو منع المصلّي أن يجتاز بين يديه لضاق على الناس (٢).
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٢٩٧ الحديث ٣ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٣٢٣ الحديث ١٣١٩ ، الاستبصار : ١ / ٤٠٦ الحديث ١٥٥١ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٣٤ الحديث ٦١٣٦.
(٢) تذكرة الفقهاء : ٢ / ٤٢٠.