قطعا ، للقطع الحاصل من ضرورة الدين أنّ الصلاة المفروضة ونحوها غير موضوعة عن الذين لا يحصل لهم اليقين بالقبلة والجهة والقطع كذلك ؛ لعدم تحريم سكناهم في تلك المواضع وتوطّنهم فيها ، والقطع كذلك بأنّ وجوب الاستقبال إليها غير موضوع عنهم البتّة كغيرهم.
واليقين كذلك بأنّ صلاتهم ونحوها ليست بخالية عن مراعاة القبلة ووجوب المواجهة وبعد سدّ باب العلم يتعيّن العمل بالاجتهاد في التحرّي ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ، وعدمه وبطلانه بديهي عند الشيعة والمعتزلة ، بل الأشاعرة أيضا سمعا.
ومن جملة ما يراعى في معرفة الجهة علم الهيئة وقوانينها ، كما ذكره علماؤنا بحصول اليقين بها بالنسبة إلى الجهة بالنسبة إلى كثير من العلماء والعارفين بحال هذا العلم وحصول الظن بالعين بالنسبة إليهم ، كما قاله في «الذكرى» (١) وظهر من «المعتبر» و «المنتهى» (٢).
وواضح على من له أدنى علم ومعرفة بها فهي مقدّمة على الأمارات المفيدة للظنّ بالجهة بالنسبة إلى هؤلاء قطعا ، لما عرفت.
وأمّا بالنسبة إلى المقلّدين ؛ فهي مفيدة للظن الغالب أو الأغلب ، والأقوى على حسب مراتبهم ، والفطانة والإدراك ، بل ربّما يورث لبعضهم اليقين.
وكيف كان ؛ تكون مقدّمة على سائر ما يفيد الظن ، لتقدّمها عليها عند الفقهاء ، كما عرفت ، وهم مقلّدون للفقهاء.
وممّا ذكر ظهر فساد ما في «المدارك» وغيره : أنّ المستفاد من الأدلّة الاكتفاء
__________________
(١) ذكرى الشيعة : ٣ / ١٦٢.
(٢) المعتبر : ٢ / ٦٩ و ٧٠ ، منتهى المطلب : ٤ / ١٦٩ و ١٧٠.