يجب تحصيل اليقين بالقبلة ، وإن أمكن تحصيله بالصلاة لأربع وجوه.
وعرفت أنّ هذا هو المشهور المعروف المسلّم عند الكلّ ، سوى ما نقلوا عن «المبسوط» وغيره (١) ، كما ذكرنا سابقا.
لكن العلّامة في «المختلف» جعل مذهب ابن أبي عقيل أنّ مع عدم العلم يكفي الصلاة إلى جهة واحدة ، من دون اعتبار الظن. ولذا نقل أنّ ابن أبي عقيل احتجّ بأنّه لو كان مكلّفا بالاستقبال ، مع عدم العلم بالقبلة ، لزم تكليف ما لا يطاق ، ولصحيحة زرارة المذكورة ، ولرواية سماعة قال : سألته عليهالسلام عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم تر الشمس ولا القمر ولا النجوم ، قال : «اجتهد رأيك وتعمّد القبلة جهدك» (٢).
فأجاب عن دليله الأوّل بمنع الملازمة ، بأنّ الصلاة أربع مرّات يخرج عن العهدة ، وهو ممّا يطاق. وعن الصحيحة بالحمل على ضيق الوقت ، أو على التحرّي مع غلبة الظن ، إذ مع عدم العلم يجزي الظن (٣) ، انتهى.
وكذا عن رواية سماعة وأنّها ضعيفة ، فأدلّة ابن أبي عقيل تنادي بأنّه يقول مع عدم العلم ، لا يجب الصلاة إلى أربع ، تحصيلا للعلم ، كما نقلنا عن «المبسوط» و «المقنعة» (٤).
فيحتمل أن يكون مراده أنّه يصلّي حيث يشاء صلاة واحدة ، بأن كان يتحرّى إن أمكن ، ويبني عليه ، ويكون يجزيه ، واجتهاده سبب مشيّته إلى الجهة التي يشاء ، وإلّا فحيث يشاء من مشتهيات نفسه ، لأنّ الفاعل المختار ، لا يختار ولا
__________________
(١) نقل عنهما في ذخيرة المعاد : ٢١٨ ، لاحظ! المبسوط : ١ / ٧٨ و ٧٩ ، المقنعة : ٩٦.
(٢) الكافي : ٣ / ٢٨٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٠٨ الحديث ٥٢٢٨.
(٣) مختلف الشيعة : ٢ / ٦٨.
(٤) المبسوط : ١ / ٧٨ و ٧٩ ، المقنعة : ٩٦.