يشاء له إلّا بمرجّح يرجّح في نظره جزما ، ومشيّته دائرة مع ذلك المرجّح جزما ، ولذا احتجّ بالصحيحة. ورواية سماعة مع تصريحهما بكون الواجب مع عدم العلم بذل الجهد في تحصيل مرجّح لجهة ، وترجيحها به ، وبناء العمل به.
فحينئذ يكون مذهبه مطابقا للمشهور في صورة التمكّن من الاجتهاد ، مخالفا له في صورة عدم التمكّن ، ولذا ردّ العلّامة حججه بالنسبة إلى صورة المخالفة خاصّة.
ويمكن أن يكون مراده أنّ في صورة عدم العلم لا يكون الظنّ حجّة أصلا ، بل يتعيّن الصلاة إلى أيّ جهة شاء ، فاحتجاجه بالصحيحة والرواية بالدلالة الالتزاميّة خاصّة ، وهي عدم وجوب الصلاة أربع مرّات.
وهذا الاحتمال بعيد ، لأنّ استدلاله هذا ينادي بالاحتمال الأوّل ، لأنّهما إذا كانتا دالّتين على ضدّ مذهبه ، وخلاف مطلوبه ، فكيف يحتجّ بهما؟
والدلالة الالتزاميّة فرع الدلالة المطابقيّة ، فاعتبارها فرع اعتبارها ، فلو لم تكن صحيحة ولا معتبرة تكون الالتزاميّة أيضا كذلك قطعا بالبديهة.
على أنّه على الاحتمال الثاني يكون ابن أبي عقيل في صدد إثبات عدم اعتبار الاجتهاد أصلا ، بل يصلّي حيث يشاء ، من دون توقّف على اجتهاد ، ولا مراعاة شيء من التحرّي أصلا ورأسا.
فكيف يستدلّ بما هو صريح في وجوب الاجتهاد؟ وأنّه لا بدّ منه مهما أمكن ، وبذل الجهد والمشقّة في ذلك ، حيث قال عليهالسلام : «تعمّد القبلة جهدك» بعد ما قال : «اجتهد رأيك» (١) وقال : «يجزي التحرّي» (٢).
__________________
(١) الكافي : ٣ / ٢٨٤ الحديث ١ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٠٨ الحديث ٥٢٢٨.
(٢) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٥ الحديث ١٤٦ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٠٧ الحديث ٥٢٢٧.