ولا شكّ في أنّ معنى الإجزاء أنّ ذلك أقلّ الواجب ، وأقلّ ما يكفي ، والتحرّي لغة : هو تعمّد الشيء ، وطلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن ، كما في «الصحاح» وغيره (١).
على أنّه كيف لم يستدلّ برواية زرارة وابن مسلم التي رواها الصدوق؟ (٢) ولم يشر في «المختلف» إلى الرواية المذكورة أصلا؟ ولم يعتن بها مطلقا؟ لا في مقام الاستدلال لابن أبي عقيل ، ولا في مقام اختياره كون الصلاة أربع مرّات لأربع وجوه ، ولا استشكل من جهتها مطلقا.
فلعلّه لعدم صحّتها عنده ، كما عرفت ، أو لبنائه على وقوع توهّم فيها على نسخة «الفقيه».
وإنّ الرواية هكذا : «يجزي التحرّي أبدا» (٣) لا أنّه يجزي المتحيّر أبدا أينما توجّه ، كما اختاره بعض شرّاح «الفقيه» المحشّي عليه ، وهو جدّي العلّامة المجلسي ـ طاب ثراه ـ فإنّه صرّح بما ذكرنا (٤).
واستند في ذلك إلى أنّ المعروف من الفقهاء في كتب استدلالهم ومقامات اعتبارهم هو بعنوان : يجزي التحرّي أبدا لا [أنّه] يجزي المتحيّر أبدا.
وحكم باتّحادها ، مع صحيحة زرارة المذكورة ، المشهورة المعروفة المسلّمة الموجودة في كتب الاستدلال والخلافيّات ، مثل «المختلف» (٥) ، وغيره من كتب الشيخ ، وغيره (٦).
__________________
(١) الصحاح : ٦ / ٢٣١١ ، مجمع البحرين : ١ / ٩٨.
(٢) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٩ الحديث ٨٤٥.
(٣) مرّ آنفا.
(٤) روضة المتقين : ٢ / ١٩٨.
(٥) مختلف الشيعة : ٢ / ٦٨.
(٦) تهذيب الأحكام : ٢ / ٤٥ ، المعتبر : ٢ / ٧٠.