ويحتمل أن يكون المراد أنّ ذلك قبلة لهذا الخاطئ وأمثاله ، لا أنّه قبلة كلّ أحد في كلّ حال كيف؟ وهو ليس قبلة من أمكنه العلم ، أو الظن بالعين. وكذا ليس قبلة القريبين القاطعين بكون الكعبة في جهة معيّنة معروفة.
فعلى هذا لم يبق للظاهر المذكور قوّة تقاوم الأدلّة المذكورة وغيرها ممّا ستعرف ، فضلا أن يغلب عليها ، بحيث يحصل منه البراءة اليقينيّة في العبادات التوقيفيّة.
مع أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «صلّوا كما رأيتموني اصلّي» (١) والقطع حاصل بأنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلّي إلى جهة الكعبة ، بأن كان يجعل القطب بين الكتفين ، كما هو قبلة أهل المدينة ، ومسجد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ومحرابه. وأنّ عليا عليهالسلام والأئمّة عليهمالسلام أيضا كانوا يصلّون إلى سمت واحد ، وهو قبلة المدني والعراقي خاصة ، وما كانوا يصلّون بغير هذه الصورة.
والآية (٢) والأخبار المتواترة (٣) ، صريحة في وجوب متابعتهم عليهالسلام ، وكذا متابعة المؤمنين (٤) ، وقد عرفت الحال فيهم أيضا.
وما ورد أنّ الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يصلّي إلى بيت المقدس فسأل من الله تعالى قبلة اخرى ، فنزلت آية (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ) وأخذ جبرئيل عليهالسلام بيد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وحوّل وجهه إلى الكعبة (٥).
وأمثال هذه الأخبار بظواهرها تمنع عن كون القبلة مجموع ما بين المشرق
__________________
(١) عوالي اللآلي : ١ / ١٩٧ الحديث ٨ ، صحيح البخاري : ١ / ٢١٢ الحديث ٦٣١.
(٢) النساء (٤) : ٥٩.
(٣) راجع! وسائل الشيعة : ١ / ١١٨ الباب ٢٩ من أبواب مقدّمة العبادات.
(٤) النساء (٤) : ١١٥ ، لاحظ! البرهان في تفسير القرآن : ١ / ٤١٥
(٥) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٧٨ الحديث ٨٤٣ ، وسائل الشيعة : ٤ / ٣٠١ الحديث ٥٢١٠ نقل بالمضمون.