وفي بعض الأخبار ورد التصريح بلفظ «الكراهة» ، مثل صحيحة الفضيل المرويّة في كتاب «العلل» عن أبي جعفر عليهالسلام قال : «إنّما سمّيت مكّة بكّة لأنّه تبكّ بها الرجال والنساء ، والمرأة تصلّي بين يديك وعن يمينك وعن شمالك وعن يسارك ومعك ، ولا بأس بذلك ، إنّما يكره في سائر البلدان» (١) وهو على القول بثبوت الحقيقة الشرعيّة ، فيه نصّ في المطلوب.
وأمّا على القول بالعدم فيه ، كما هو الأقرب ، فلا يبعد ظهوره فيها ، كلفظة «لا ينبغي» في الخبرين السابقين ، وذلك لبعد تأدية الحرام بأمثال هذه العبارات.
هذا ؛ مع أنّ فيها (٢) وقع التصريح بعدم المانع ، والبأس في مكّة ، فإذا ثبت الجواز فيها ، ثبت في غيرها ، لعدم القائل بالفصل.
وتدلّ عليه أيضا صحيحة زرارة عن الباقر عليهالسلام قال : «إذا كان بينها وبينه قدر ما [لا] يتخطّى أو قدر عظم الذراع فصاعدا فلا بأس أن صلّت بحذائه وحدها» (٣).
وصحيحة أبي بصير ـ على الأصحّ ـ عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سألته عن الرجل والمرأة يصلّيان جميعا في بيت والمرأة عن يمين الرجل بحذاه ، قال : «لا حتّى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه» (٤).
ووجه دلالتهما على الكراهة التخيير بين الزائد والناقص الذي لا يلائم الحرمة.
__________________
(١) علل الشرائع : ٣٩٧ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٢٦ الحديث ٦١٠٩ مع اختلاف يسير.
(٢) في (ز ٣) : في الرواية.
(٣) مستطرفات السرائر : ٢٧ الحديث ٧ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٢٦ الحديث ٦١١٢ مع اختلاف يسير.
(٤) تهذيب الأحكام : ٢ / ٢٣١ الحديث ٩٠٨ ، الاستبصار : ١ / ٣٩٩ الحديث ١٥٢٣ ، وسائل الشيعة : ٥ / ١٢٤ الحديث ٦١٠٣.