أقول : قد عرفت أنّ معنى الحدر هو الإسراع ، فما في «المدارك» من أنّ المراد تقصير الوقوف لا تركه (١) ، موافقا لما ذكره جدّه ، مبني على ما عرفت ، من مراعاة ما ذكره القراء ، لكن قال جدّه : لو ترك الوقف أصلا فالتسكين أولى (٢). إلى آخره.
والظاهر من الإسراع لعلّه الترك أصلا ، إلّا أن يقال : ما ذكره القرّاء ، هو طريقة لغة في العرب ، فحدرهم يصير تقصير الوقف.
لكن لا بدّ من ثبوت في ذلك ، وكونه من لوازم لغة العرب ، والله يعلم.
قوله : (ورفع الصوت). إلى آخره.
المستند في ذلك صحيحة معاوية بن وهب أنّه سأل الصادق عليهالسلام عن الأذان ، فقال : «اجهر وارفع صوتك ، فإذا أقمت فدون ذلك» (٣) ، الحديث.
ورواية ابن سنان عنه عليهالسلام : «أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول لبلال إذا دخل الوقت : اعل فوق الجدار وارفع صوتك بالأذان ، فإنّ الله عزوجل وكلّ بالأذان ريحا ترفعه إلى السماء ، وأنّ الملائكة إذا سمعوا الأذان قالوا : هذه أصوات أمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم بتوحيد الله عزوجل ، فيستغفرون لأمّة محمّد صلىاللهعليهوآلهوسلم حتّى يفرغوا من تلك الصلاة» (٤).
وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : «إذا أذّنت فلا تخفينّ صوتك ، فإنّ الله يأجرك مدّ صوتك فيه» (٥). إلى غير ذلك من الأخبار.
__________________
(١) مدارك الأحكام : ٣ / ٢٨٤.
(٢) الروضة البهيّة : ١ / ٢٤٧.
(٣) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٥ الحديث ٨٧٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤٠٩ الحديث ٦٩٥١.
(٤) الكافي : ٣ / ٣٠٧ الحديث ٣١ ، تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٨ الحديث ٢٠٦ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١١ الحديث ٦٩٥٧ مع اختلاف يسير.
(٥) تهذيب الأحكام : ٢ / ٥٨ الحديث ٢٠٥ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٠ الحديث ٦٩٥٥.