الفرق بين المنفرد والجامع.
مع أنّ العلّامة في «المنتهى» لم يفرّق بينهما أصلا ، وجعل النزاع واحدا ، وكذا الدليل (١) فلاحظ! إذ بالتأمّل في جميع ما ذكر ، مع الشهرة بين الأصحاب ، يترجّح في النظر كون المنع على سبيل الكراهة ، وإن كانت شديدة غاية الشدّة تقرب أوّل درجة الحرمة ، فإنّ إطلاق الحرمة على ذلك غير عزيز.
مع أنّ ابن إدريس نقل عن كتاب محمّد بن علي بن محبوب ، عن جعفر بن بشير ، عن عبيد بن زرارة ، عن الصادق عليهالسلام : أيتكلّم الرجل بعد ما تقام الصلاة؟ قال : «لا بأس» (٢).
ويؤيّده ترك الاستفصال في صحيحة حمّاد بن عثمان المذكورة (٣) ، وإن كان الظاهر من السؤال والراجح في النظر حال الانفراد خاصة ، إلّا أنّه ربّما كان سؤال الراوي عن الأعمّ ، وعبارته في سؤاله قابلة له.
ومن هذا قال المصنّف : وهو محمول على المنفرد ، أو ما يتعلّق بالصلاة جمعا ، وفيه أنّ الجمع الذي يثبت التكليف ، لا بدّ أن يكون مستند إلى حجّة شرعيّة ، لأنّ للرجل براءة الذمّة حتّى يثبت التكليف ، ومجرّد الاحتمال لا يثبت التكليف ، إذ كما جاز الجمع ـ كما ذكره ـ جاز أيضا ، كما ذكره المشهور ، فلا يثبت التكليف.
والأصل براءة الذمّة ، فيتعيّن المذهب المشهور ، إلّا أن يكون مراده كون جمعه أقرب وأظهر ، أمّا جمعه الأوّل ؛ فظاهر ، وأمّا الثاني ؛ فلأنّ المدار في الفقه أنّ المطلق يحمل على المقيّد ، وبناء المكالمات العرفيّة عليه ، ولذا قدّمه الاصوليّون ،
__________________
(١) منتهى المطلب : ٤ / ٣٩٣ و ٣٩٤.
(٢) مستطرفات السرائر : ٩٤ الحديث ٤ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٦ الحديث ٦٩٠٥ مع اختلاف يسير.
(٣) وسائل الشيعة : ٥ / ٣٩٥ الحديث ٦٩٠١.