مع أنّه لا مانع منه ، لأنّه لم يذكر في الرواية أنّه يجهر في قول «حيّ على خير العمل» ، حتّى يصير مخالفا للتقيّة.
كيف! ومدار الشيعة في الأعصار والأمصار في إخفات هذا القول في بلاد التقيّة ، ولزوم الإجهار بالصلاة خير من النوم في أذان المصر ، وغيره من الأذان الإعلامي وغيره ، إذا وقع بحضرة المخالفين ، أو بنحو يطّلع عليه المخالفون ، كما كان الحال عليه في أزمنة صدور هذه الأخبار بالنسبة إلى بلاد رواتها وهي الكوفة ونحوها.
مع أنّه يحتمل أن يكون عليهالسلام لم يكن يتّقي في ذكر «حيّ على خير العمل» ، لما ظهر واشتهر اشتهار الشمس ، أنّ مؤذّن جدّه علي عليهالسلام وهو ابن نبّاح ، كان يقول في أذانه جهارا : «حيّ على خير العمل» ، وكان عليهالسلام إذا رآه قال : «مرحبا بالقائلين عدلا وبالصلاة مرحبا وسهلا» (١).
هذا ؛ مع أنّ ما ذكره من ورود روايتين عن أهل البيت عليهمالسلام أشهرهما تركه (٢) ، ففيه أن الترك لا يعارض الأمر بالقول ، إذ غايته استحباب القول ، وفيه ما عرفت.
وإن أراد لزوم الترك ووجوبه ، فإذا كان هو الأشهر منهم ، يتعيّن العمل به ، لقبح ترجيح المرجوح على الراجح ، وغير ذلك ممّا دلّ على أنّ الرجحان الاجتهادي والظن الحاصل للمجتهد يتعيّن عمله وفتواه به ، وهو حكم الله الظاهري في حقّه ، كيف! ومدار المحقّق في فتاويه ، لم يكن إلّا على المرجّحات الظنيّة ، فلا وجه لحكمه بالكراهة.
وإن أراد أنّ هذه الشهرة ليست مورثة لرجحان وموجبة للظن ، ففساده واضح ، إذ لو سلّمنا أنّها لا تفيد اليقين فالظن المتاخم بالعلم لا أقلّ منه ، وإن سلّمنا
__________________
(١) من لا يحضره الفقيه : ١ / ١٨٧ الحديث ٨٩٠ ، وسائل الشيعة : ٥ / ٤١٨ الحديث ٦٩٧٣ مع اختلاف يسير.
(٢) راجع! الصفحة : ٥٤٥ من هذا الكتاب.