وأمّا الجزئي الحقيقي الذي هو مطلوب واقعا ، كيف يمكن أن يكون مبغوضا حين ما هو مطلوب؟ مقرّبا حين ما هو مبعّد؟ ومبعّدا حين ما هو مقرّب؟ مرضيّا حين ما هو غير مرضي؟ غير مرضي حين ما هو مرضي؟ وإن كان من جهتين متعدّدتين ، لأنّ الجهة إن كانت تعليليّة فضروري أنّ الجزئي الحقيقي لا يمكن أن يكون مطلوب الحصول حين ما هو مبغوض الحصول وبالعكس ، وإن كان لكلّ علّة ، إذ لا يؤثّر علّة المطلوبية حين تأثير علّة المبغوضية وبالعكس ، لأنّ الحاصل في الواقع إمّا مطلوبية الحصول أو مبغوضية الحصول.
وأمّا حصولهما معا في وقت واحد بالنسبة إلى الجزئي الحقيقي فمحال بالبديهة.
فإن قلت : الأمر كما ذكرت إذا كانت الجهة تعليليّة ، ولم لا يجوز أن تكون الجهة تقييدية؟
قلت : الكلام إنّما هو بالنسبة إلى ما صدر عن المكلّف في مقام الامتثال ، وهو جزئي حقيقي بسيط لا تركيب فيه أصلا في الخارج ، إذ لا يصدر منه إلّا قيام وقعود وانحناء وسجود ، مع أذكار ونيّة.
وهذا القيام مثلا الموجود في الخارج ليس إلّا هو هو ، دون انضمام شيء معه حتّى يحصل بانضمامه معه مركّب تقييدي في الخارج يكون هذا المركّب مطلوبا من جهة جزئه وقيده ، وهو كونه للصلاة ، وكذا لا ينضمّ إليه في الخارج قيد آخر وهو كونه غصبا ، حتّى يحصل بانضمامه معه مركّب تقييدي آخر في الخارج ، يكون مبغوضا من جهة قيده ، وهو كونه غصبا.
وبالجملة ؛ إن أردت أنّ الصادر من المكلّف في الخارج مركّبان تقييديان ، أحدهما مطلوب والآخر مبغوض ، فهو بديهي البطلان.