وكذا ، إن أردت أنّ الحاصل من المكلّف ثلاثة موجودات ، أحدها : القيام ، وثانيها : كونها للصلاة ، وثالثها : كونها غصبا ، وإنّ الأوّل : لا يتعلّق به حبّ ولا بغض ، والثاني : متعلّق الحبّ ، والثالث : متعلّق البغض ، فهو أيضا بديهي البطلان ، إذ ليس الموجود إلّا نفس القيام ، وإن كان مع نيّة وذكر أيضا.
وإن أردت أنّ متعلّق المطلوبيّة والمبغوضيّة لم يصدر عن المكلّف ، ولم يتحقّق في الخارج ، ومع ذلك مطيع عاص ، ففساده واضح لأنّ الطاعة هي الإتيان لما امر به ، والعصيان هو العصيان بما نهي عنه.
فالطاعة والعصيان ليسا إلّا من جهة أنّ هذا القيام الحاصل منه البسيط هو المأمور به وهو المنهيّ عنه ، لأنّ ما يفعله المكلّف بقصد الامتثال والإطاعة ليس إلّا الشخص الواحد البسيط ، الذي هو بعينه جزء الصلاة ، وهو بعينه غصب ، إذ وجود كلّ من الطبيعتين عين وجود هذا الشخص بالبديهة فيكون الشيء الواحد إذا كان موجبا للتقرّب يكون موجبا للتبعّد.
ويكون المكلّف أيضا بإتيان الفعل المذكور مطيعا وعاصيا ، وهو أيضا باطل قطعا ، وأيضا قصد القربة شرط في العبادة ، للإجماع والأخبار.
وكيف يمكن قصد التقرّب بفعل يكون موجبا للتبعّد والسخط من الله وغضبه عليه؟ ولا يرضى به جاهل فضلا عن عاقل ، فضلا عن فقيه ، فضلا عن حكيم.
فظهر الجواب عن قول بعض المحقّقين بأنّ عدم جواز الاجتماع إنّما هو إذا كان متعلّق التكليف هو الأفراد ، وأمّا إذا كان متعلّق التكليف هو الطبيعة فلا إشكال في جواز الاجتماع ، لما عرفت من أنّ الكلام فيما صدر من المكلّف ، وهو جزئي حقيقي بسيط.