(فَاتَّقُوا اللهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أي ابذلوا فى تقواه جهدكم وطاقتكم ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه».
ونحو هذا ما جاء فى قوله : «اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) أي كونوا منقادين لما يأمركم الله ورسوله به ، ولا تحيدوا عنه يمنة ولا يسرة ، ولا ترتكبوا ما نهيتم عنه.
(وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) أي وابذلوا مما رزقكم الله على الفقراء والمساكين وذوى الحاجات ، وفى الوجوه التي يكون فيها صلاح الأمة والملة ، وسعادة الدين والدنيا ، وذلك خير لأنفسكم من الأموال والأولاد ؛ وهذا حثّ على البذل ، وبيان أن الامتثال خير لا محالة.
ثم زاد فى الحث على الإنفاق فقال :
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي ومن يبتعد عن البخل والحرص على المال ـ يكن من الفائزين بكل ما يرجو ، ونيل كل ما يبغى فى دينه ودنياه ، فيكون محببا إلى الناس ، قرير العين برضاهم عنه وحنوّهم عليه ، سعيدا فى الآخرة بالقرب من ربه ومحبته ورضوانه ودخول جناته.
ثم بالغ فى الحث على الإنفاق أيضا فقال :
(إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) أي إن تنفقوا فى طاعة الله متقرّبين إليه بإخلاص وطيب نفس ـ يضاعف لكم ذلك ، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، ويستر لكم ما فرط من زلاتكم ؛ جاء فى الصحيحين : «إن الله يقول : من يقرض غير ظلوم ولا عديم»؟
وعن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «يقول الله : استقرضت عبدى فأبى أن يقرضنى ، ويشتمنى عبدى وهو لا يدرى ، يقول وا دهراه وا دهراه» وأنا الدهر ثم تلا أبو هريرة هذه الآية» أخرجه ابن جرير والحاكم وصححه.