مناعة حصونهم وكثرة عددهم وعددهم من سلاح وكراع ، وما كان المسلمون يظنون أن هذا سيكون.
وبعد أن أتمّ الكلام فى إجلاء بنى النضير وفيئهم أعقبه بالكلام فى حكم ما أفاء الله على رسوله من قرى الكفار عامة فقال :
(ما أَفاءَ اللهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) أي ما رده الله إلى رسوله من كفار أهل القرى كقريظة والنّضير وفدك وخيبر ، فيصرف فى وجوه البر والخير ولا يقسم تقسيم الغنائم ، بل يعطى للرسول ولذوى قرباه من مؤمنى بنى هاشم وبنى المطلب ، ولليتامى الفقراء ، وللمساكين ذوى الحاجة والبؤس ، ولابن السبيل الذي انقطع عنه ماله ، ولا يمكن أن يصل إليه لبعد الشّقّة وانقطاع طرق المواصلات ، وقد كان ذلك حين كانت طرق الوصول شاقة ، لكنها الآن سهلة وهى على أساليب شتى ، فيمكن المرء أن يطلب ما شاء بحوالة على أي مصرف فى أي بلد على سطح الكرة الأرضية ، ومن ثم فهذا النوع لا يوجد الآن.
ثم علل هذا التقسيم بقوله :
(كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ) أي وإنما حكمنا بذلك وجعلناه مقسما بين هؤلاء المذكورين ، لئلا يأخذه الأغنياء ويتداولوه فيما بينهم ، ويتكاثروا به ، كما كان ذلك دأبهم فى الجاهلية ، ولا يصيب الفقراء من ذلك شىء.
(وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا) أي وما أعطاكم الرسول من الفيء وغيره فخذوه فهو لكم حلال ، وما نهاكم عنه فابتعدوا عنه ولا تقربوه ، فإن الرسول لا ينطق عن الهوى كما قال سبحانه : «وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ».
أخرج الشيخان وأبو داود والترمذي فى جماعة عن ابن مسعود قال : «لعن الله