أخرج ابن أبى حاتم عن مقاتل بن حبان قال : «كان صلى الله عليه وسلم يوم جمعة فى الصّفّة وفى المكان ضيق ، وكان يكرم أهل بدر من المهاجرين والأنصار ، فجاء ناس منهم ثابت بن قيس وقد سبقوا إلى المجالس ، فقاموا حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، فرد النبي صلى الله عليه وسلم ثم سلموا على القوم فردوا عليهم ، فقاموا على أرجلهم ينتظرون أن يوسّع لهم ، فلم يفسحوا لهم ، فشقّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لبعض من حوله : قم يا فلان ، قم يا فلان ، فأقام نفرا بمقدار من قدم ، فشق ذلك عليهم ، وعرفت كراهيته فى وجوههم ، وطعن المنافقون وقالوا : والله ما عدل على هؤلاء ، إن قوما أخذوا مجالسهم وأحبوا القرب منه ، أقامهم وأجلس من أبطأ عنه فنزلت الآية».
وقال الحسن : كان الصحابة يتشاحون فى مجالس القتال إذا اصطفوا للحرب ، فلا يوسع بعضهم لبعض رغبة فى الشهادة ، ومن الآية نعلم :
(١) أن الصحابة كانوا يتنافسون فى القرب من مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم لسماع حديثه ، لما فيه من الخير العميم ، والفضل العظيم ، ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام : «ليلينى منكم أولو الأحلام والنّهى».
(٢) الأمر بالتفسح فى المجالس وعدم التضامّ فيها متى وجد إلى ذلك سبيل ، لأن ذلك يدخل المحبة فى القلوب ، والاشتراك فى سماع أحكام الدين.
(٣) إن كل من وسع على عباد الله أبواب الخير والراحة ، وسع الله عليه خيرات الدنيا والآخرة.
وعلى الجملة فالآية تشمل التوسع فى إيصال جميع أنواع الخير إلى المسلم وإدخال السرور عليه ، ومن ثم قال عليه الصلاة والسلام «لا يزال الله فى عون العبد ما دام العبد فى عون أخيه».