ألم تر : أي ألم تعلم ، ما يكون : أي ما يوجد ، والنجوى : التناجي والمسارّة كما قال : «لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ» وقد يستعمل فى المتناجين كما قال : «وَإِذْ هُمْ نَجْوى» أي أصحاب نجوى.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أحكام كفارة الظهار وبيّن أنه إنما شرعها تغليظا للناس حتى يتركوا الظهار ، وقد كان ديدنهم فى الجاهلية ، ويتبعوا أوامر الشريعة ، ويلين قيادهم لها ، ويخلصوا لله ربهم فى جميع أعمالهم ، فتصفو نفوسهم ، وتزكو بصالح الأعمال.
أردف هذا ببيان أن من يشاقّ الله ورسوله ويعصى أوامره ، يلحق به الخزي والهوان فى الدنيا وله فى الآخرة العذاب المهين فى نار جهنم ؛ ثم أعقب ذلك بالوعيد الشديد فبين أنه لا تخفى عليه خافية فى الأرض ولا فى السماء ، فهو عليم بمناجاة المتناجين ، فإن كانوا ثلاثة فهو رابعهم ، وإن كانوا خمسة فهو سادسهم ، وإن كانوا أقل من ذلك أو أكثر فهو معهم أينما كانوا ، فلا تظنوا أنه تخفى عليه أعمالكم ، وسينبئكم بها عند العرض والحساب ، وحين ينصب الميزان ، فتلقون جزاء ما كسبت أيديكم ، وتندمون ولات ساعة مندم.
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَما كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ) أي إن الذين يختارون لأنفسهم حدودا غير ما حده الله ورسوله ، ويضعون شرائع غير ما شرعه ، سيلحقهم الخزي والنكال فى الدنيا كما لحق من قبلهم من كفار الأمم الماضية الذين حادوا الله ورسله ، وقد تحقق ذلك يوم الخندق.
وفى هذا بشارة للمؤمنين بظهورهم على عدوهم ونصر الله لهم.