روى عن ابن عباس أنه قال : «جاء عوف بن مالك الأشجعى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله : إن ابني أسره العدو وجزعت أمه ، فبم تأمرنى؟ قال آمرك وإياها أن تستكثرا من قول : «لا حول ولا قوة إلا بالله» فقالت المرأة : نعم ما أمرك ، فجعلا يكثران منها ، فتغفل عنه العدو فاستاق غنمهم فجاء بها إلى أبيه ، فنزلت هذه الآية» أخرجه ابن مردويه.
وفى الآية إيماء إلى أن التقوى ملاك الأمر عند الله ، وبها نيطت السعادة فى الدارين وإلى أن الطلاق من الأمور التي تحتاج إلى فضل تقوى ، إذ هو أبغض الحلال إلى الله لما يتضمنه من إيحاش الزوجة وقطع الألفة بينها وبين زوجها ، ولما فى الاحتياط فى العدة من المحافظة على الأنساب وهى من أجّل مقاصد الدين ، ومن ثم شدّد فى إحصاء العدة حتى لا تختلط ويكون أمرها فوضى.
وروى عن ابن مسعود أنه قال : إن أجمع آية فى القرآن : «إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ» وإن أكبر آية فى القرآن فرجا : «وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً».
(وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) أي ومن يكل أمره إلى الله ويفوض إليه الخلاص منه ـ كفاه ما أهمه فى دنياه ودينه ، والمراد بذلك أن العبد يأخذ فى الأسباب التي جعلها الله من سننه فى هذه الحياة ، ويؤديها على أمثل الطرق ، ثم يكل أمره إلى الله فيما لا يعلمه من أسباب لا يستطيع الوصول إلى علمها ، وليس المراد أن يلقى الأمور على عواهنها ، ويترك السعى والعمل ويفوض الأمر إلى الله ، فما بهذا أمر الدين بدليل قوله تعالى : «وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ».
وقوله صلى الله عليه وسلم : «اعقلها وتوكل» إلى نحو ذلك مما هو مستفيض فى الكتاب والسنة.
وروى عن ابن عباس «أنه ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال