ثم بين عظيم طاعتهم لربهم فقال :
(لا يَعْصُونَ اللهَ ما أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ) أي لا يخالفون أمره ، بل يؤدون ما يؤمرون به فى وقته بلا تراخ ، فلا يقدمونه عنه ، ولا يؤخرونه.
وقد أفادت الجملة الأولى نفى العناد والاستكبار عنهم فهى كقوله : «لا يستكبرون عن عبادته» وأفادت الجملة الثانية نفى الكسل عنهم فهى كقوله تعالى : «وَلا يَسْتَحْسِرُونَ».
وخلاصة ذلك ـ إنهم يمتثلون الأمر ولا يمتنعون عن تنفيذه ، بل يؤدونه من غير تثاقل ولا توان.
وبعد أن ذكر شدة العذاب فى النار واشتداد الملائكة فى الانتقام من أعداء الله الكافرين ـ بين أنه يقال للكافرين لا فائدة فى الاعتذار لأنه توبة ، والتوبة غير مقبولة بعد الدخول فى النار فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ) فقد فات الأوان ، ولا يجدى رجاء ولا اعتذار ، فلات ساعة مندم.
ندم البغاة ولات ساعة مندم |
|
والبغي مرتع مبتغيه وخيم |
ثم بين السبب فى عدم فائدة الندم فقال :
(إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) أي لأنكم إنما تثابون اليوم وتعطون جزاء أعمالكم التي عملتموها فى الدنيا ، فلا تطلبوا المعاذير منها.
والخلاصة ـ إن هذه الدار دار جزاء لا دار عمل ، وأنتم قد دسّيتم أنفسكم فى الدنيا بالكفر والمعاصي بعد أن نهيتم عنها ، فاجنوا ثمر ما غرستم ، واشربوا من الكأس التي قد ملأتم.
وبعد أن ذكر أن التوبة فى هذا اليوم لا تجدى نفعا ـ نبّه عباده المؤمنين إلى المبادرة بالتوبة النصوح فقال :