المعنى الجملي
بعد أن أمر بأن الطلاق لا يكون إلا فى أوقات خاصة ، وبأنه يجب انقضاء العدة حتى تحل المرأة لزوج آخر ، وذكر مدة العدة وما يجب للمعتدة من النفقة والكسوة ، ونهى عن تجاوز حدود الله ، وأن من يتجاوزها يكون قد ظلم نفسه ؛ توعد هنا من خالفوا أمره ، وكذبوا رسله ، وسلكوا غير ما شرعه ، وأنذرهم بأن يحل بهم مثل ما حل بالأمم السالفة التي كذبت رسلها ، فأخذها أخذ عزيز مقتدر ، وأصبحت كأمس الدابر وصارت مثلا فى الآخرين.
الإيضاح
(وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها وَرُسُلِهِ فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً وَعَذَّبْناها عَذاباً نُكْراً) أي وكثير من أهل القرى خالفوا أمر ربهم ، فكذبوا الرسل الذين أرسلوا إليهم ولّجوا فى طغيانهم يعمهون ، فحاسبناهم حسابا عسيرا ، فاستقصينا عليهم ذنوبهم ، وناقشناهم على النقير والقطمير ، وعذبناهم عذابا نكرا فى الآخرة ، وعبر بالماضي عن المستقبل دلالة على التحقق كما فى قوله تعالى : «وَنُفِخَ فِي الصُّورِ».
ثم بين أن هذا جزاء ما كسبت أيديهم فقال :
(فَذاقَتْ وَبالَ أَمْرِها وَكانَ عاقِبَةُ أَمْرِها خُسْراً) أي فجنت ثمار ما غرست أيديها ولا يجنى من الشر إلا الشر كما جاء فى أمثالهم : إنك لا تجنى من الشوك العنب. فكان عاقبة أمرها الخسران والنكال الذي لا يقدر قدره.
ثم أكد هذا الوعيد بقوله :
(أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً) أي هيأ الله لهم العذاب المرتقب ، لتماديهم فى طغيانهم وإعراضهم عن اتباع الرسل فيما جاءوا به من عند ربهم.
ثم نبه المؤمنين إلى تقوى الله حتى لا يصيبهم مثل ما أصاب من قبلهم فقال :