(فَاتَّقُوا اللهَ يا أُولِي الْأَلْبابِ الَّذِينَ آمَنُوا) أي فخافوا أيها المؤمنون عقاب الله ، فأنتم أصحاب العقول الراجحة ، والفطر السليمة ، واحذروا أن يحل بكم مثل ما حل بمن قبلكم ، وتذكروا فإن الذكرى تنفع المؤمنين.
ثم بين ما يكون مذكرا لهم وداعيا لتقوى الله فقال :
(قَدْ أَنْزَلَ اللهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً. رَسُولاً يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ) أي قد أنزل الله إليكم يا ذوى البصائر ذكرا لكم وهو القرآن الكريم يذكركم به ، لتستمسكوا بحبله المتين وتعملوا بطاعته وأرسل إليكم رسولا يتلو عليكم آيات هذا الكتاب الذي أنزل عليه ، وهى واضحات لمن تدبرها وعقلها ، كى يخرج من لديه استعداد للهدى من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان إذا هو أنعم فى النظر فيها ، وأجال الفكر فى أسرارها ومغازيها ، فهى النبراس الساطع ، والضوء اللامع ، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
ثم بين جزاء الإيمان والعمل الصالح فقال.
(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللهِ وَيَعْمَلْ صالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللهُ لَهُ رِزْقاً) أي ومن يصدق بالله وعظيم قدرته ، وبديع حكمته ، ويعمل بطاعته ـ يدخله بساتين تجرى من تحت أشجارها الأنهار ماكثين فيها أبدا لا يموتون ولا يخرجون منها ، وقد وسع الله لهم فيها الأرزاق من مطاعم ومشارب مما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر.
(اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (١٢))