وبعد مماته ، فيرتكب المحظورات لتحصيل ما يكون سببا لذلك ، وإن لم يطالبوه فيهلك.
ومن المفسرين من حمل العداوة على العداوة الدنيوية وقالوا : إن الزوجات والأولاد ربما آذوا أزواجهم وآباءهم ، وجرّعوهم الغصص والآلام ، وربما جرّ ذلك إلى وضع السّم فى الدسم أو إلى قتلهم ، وفى المشاهد أكبر عبرة لمن اعتبر.
والخلاصة ـ إنه إما يراد بالعداوة ، العداوة الأخروية ، فإن الأزواج والأولاد ربما أضروا بأزواجهم وآبائهم فيها إذا منعوهم عن عمل الخير لها ، وإما أن يراد العداوة فى الدنيا فتكون عداوة حقيقية بينهم لها آثارها الدنيوية.
ثم أرشدهم إلى التجاوز عن بعض هناتهم فقال :
(وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي وإن تعفوا عن ذنوبهم التي ارتكبوها بترك المعاقبة ، وتصفحوا بالإعراض وترك التثريب عليها ، وتغفروا بإخفائها ، وتمهيد معذرتهم فيها ، فهو خير لكم فإن الله رحيم بكم وبهم ، ويعاملكم بمثل ما عاملتم ويتفضل عليكم.
ثم أخبر سبحانه بأن الأموال والأولاد فتنة فقال :
(إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) أي إنما حبكم لأموالكم وأولادكم ابتلاء واختبار ، إذ كثيرا ما يترتب على ذلك الوقوع فى الآثام ، وارتكاب كبير المحظورات.
وقدمت الأموال على الأولاد لأنها أعظم فتنة كما قال : «كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى».
أخرج أحمد والطبراني والحاكم والترمذي عن كعب بن عياض قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن لكل أمة فتنة ، وإن فتنة أمتى المال».
(وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) لمن آثر محبته وطاعته على محبة الأولاد وطاعتهم ، فلا تباشروا المعاصي بسبب الأولاد ، ولا تؤثروهم على ما عند الله من الأجر العظيم.