الشياطين يزينون لكم المعاصي ويصدونكم عن الطاعة ؛ ثم أردف هذا ببيان أن الإنسان مفتون بماله وولده ، فإنه ربما عصى الله تعالى بسببهما ، فغصب المال أو غيره لأجلهما ، فعليه أن يتقى الله ما استطاع إلى ذلك سبيلا ، ولينفق ذو سعة من سعته ، فمن جاد بماله ووقى نفسه الشح فهو الفائز بخيرى الدنيا والآخرة ، ومن أقرض الله قرضا حسنا فالله يضاعف له الحسنة بعشرة أضعافها إلى سبعمائة ضعف ، وهو عالم بما يغيب عن الإنسان وما يشاهد ، وهو العزيز الحكيم فى تدبير شئون عباده.
أخرج الترمذي والحاكم وابن جرير وغيرهم عن ابن عباس قال : نزلت هذه الآية : «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ» فى قوم من أهل مكة أسلموا وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا الناس قد فقهوا فى الدين همّوا أن يعاقبوهم فأنزل الله : «وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا» الآية.
وفى رواية عنه أنه قال :
كان الرجل يريد الهجرة فتحبسه امرأته فيقول : أما والله لئن جمع الله بينى وبينكم فى دار الهجرة لأفعلنّ ولأفعلنّ ، فجمع الله بينهم فى دار الهجرة فأنزل الله الآية.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ) أي أيها الذين صدّقوا الله ورسوله : إن من أزواجكم وأولادكم أعداء لكم يحولون بينكم وبين الطاعات التي تقربكم من ربكم ، والأعمال الصالحة التي تنفعكم فى آخرتكم ، وربما حملوكم على السعى فى اكتساب الحرام ، واكتساب الآثام لمنفعة أنفسهم.
روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «يأتى زمان على أمتى يكون فيه هلاك للرجل على يد زوجه وولده يعيّرانه بالفقر ، فيركب مراكب السوء فيهلك».
ومن الناس من يحمله حبهم والشفقة عليهم ، ليكونوا فى عيش رغد فى حياته