مقابلتها بها ، ولقوله قد أتلف مالا مفردان تضمّنا هذه الأمور الكثيرة فلا يدري لعلّ التلبيس تطرق إلى واحد من هذه المراتب ، ومثاله من الكلام من يثبت حدوث الأعراض مثلا ، فإنا نقول كلما رأيناه الآن في محل ورأينا من قبله ضده فهو حادث ، وبياض الشعر مثلا رأيناه الآن ونرى قبله ضده فهو أيضا حادث ، فهذا غير كاف ما لم يبيّن أولا أن ما يدرك بحاسة البصر فهو كما يدرك ، وذلك بأن يعرف جميع شروط صحة الإبصار بالبحث عن الأسباب واستقراء المشاهدات. وثانيا أن يبيّن أن العرض لم يكن كامنا مستورا فظهر للبصر الآن فظهوره هو الحادث دون نفسه. وثالثا أن يبيّن أنه لم يكن في موضع آخر ولا كان قد انتقل فرأى الآن لأنه انتقل الآن فيبطل انتقال العرض وكمونه حتى يتم النظر.
المدخل الخامس : أن لا تكون النتيجة غير المقدمة بل عينها ولكن استعمل فيها للتلبيس لفظين مترادفين ، كقولك كل بشر إنسان كأنك قلت كل إنسان إنسان ، فإنهما مترادفان فيصير قولك كل إنسان مكلّف وهو مقدمة عين قولك فكل بشر مكلّف وهو النتيجة ، ومثاله في الفقه أن يقول الحنفي في تبييت النية في زمان رمضان أنه صوم عين فلا يفتقر إلى التبييت كالتطوع ، ونظمه أن كل ما هو صوم عين فلا يفتقر إلى التبييت وهذا صوم عين فلا يفتقر إليه. وقوله صوم عين في الأصل مقدمة طويت فيها بعض أجزاء النتيجة. وبيانه أن يقال ما ذا أردت بقولك صوم التطوع صوم عين ، فإنه لا يسلم فيقول الدليل عليه أن من أصبح غير ناو بالليل صلح يومه للتطوع ولم يصلح لغيره وما يصلح للشيء لا لغيره فهو عين في حقه فكان هذا صوم عين. فيقال : أما قولك لا يصلح لغيره فلا يوجب التعيين فإن الليل لا يصلح للصوم ولا يقال إنه عين ولكن نضيف إليه أنه يصلح للتطوع وليس له معنى إلا أنه لا يفتقر إلى التبييت ، أي تصح نيته من النهار ، وهذا عين الحكم وقد احتجت إلى طلب علته وينبغي أن لا تكون العلة عين الحكم لأن الحكم نتيجة والعلة منتجة والمنتج ينبغي أن يكون غير النتيجة. وقولك