والشبهات التي ألقاها بعض الملحدين هي تخيّلات باطلة مقابل حكم العقل السليم ، بل هي معارضته لكلام القادر الحكيم.
والشبهات هذه هي كما يلي نذكرها مع جوابها :
الشبهة الأُولى : ما ذكره منكروا المعاد الجسماني من الفلاسفة بأنّ الانسان يصير بموته معدوماً ، والمعدوم يستحيل اعادته بواسطة انعدامه ، فلا يمكن عود الانسان بجسمه.
والجواب : انّ هذه الشبهة غفلة عن حقيقة الموت والمعاد ، وخلطٌ بين الموت والانعدام.
فانّ الموت في الحقيقة ليس انعداماً لأجزاء الانسان ، بل هو تفريق لأجزائه ، وتشتيت لأعضائه.
والمعاد ليس اعادة المعدوم ، بل هو اعادة تلك الأجزاء المتفرّقة والأعضاء المتشتّتة ، ونفخ للروح الباقي في ذلك الجزء الأصلي من الجسم الذي لا يفنى ولا ينعدم ، كما يرشد إليه حديث الامام الصادق عليه السلام المتقدّم :
«لا يَبْقَى لَهُ لَحْمٌ وَلا عَظْمٌ إلّا طِينَتُهُ الَّتِي خُلِقَ مِنْهَا ، فَإِنَّهَا لا تُبْلَى ، تَبْقَى فِي الْقَبْرِ مُسْتَدِيرَةً حَتَّى يُخْلَقَ مِنْهَا كَمَا خُلِقَ أَوَّلَ مَرَّةٍ» (١).
وأمّا قوله تعالى في سورة الرحمن ، الآية ٢٦ : (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ) فليس معنى الفناء الانعدام ، بل هو بمعنى الهلاك وعدم البقاء كما يشهد له قوله تعالى بعد ذلك في قباله : (وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ).
ويشهد له أيضاً قوله عزّ اسمه في سورة القصص ، الآية ٨٨ : (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ).
__________________
(١) الكافي : ج ٣ ، ص ٢٥١ ، ح ٧.